أنا سمسار ووسيط و فريس” / الشيخ التجاني عبود

arton644

أنا صانع للمستحيل و مفتاح لكل اﻷقفال ، هل تريد مكانة سامية في ديوان الدولة ، أم أنك تروم أن تكون من قامات المعارضة وتعطى صك طهر وبراءة من آثامك الجلي ، أم تطمح لتسنم النقابات والجمعيات وهيئات المجتمع المدني ، وهل تطيب لك صهوات الكراسي الوثيرة و الصالونات الحية ، أم أنك تريد القدرة والتمكن وطول البقاء ، أوتكديس الثروة وكنز اﻷبيضين ، مسحة تجميل و نفث وهمهمة أو تميمة قد تغير حالك من حال إلى حال ،مراكب جاهزة ستحملك بسرعة البرق الى الوجهة التي علق بها البصر و رنا إليها القلب .

لكل بلد طبيعته الخاصة وظروفه التي تحدد قائمة أولوياته ، والمسارات التي يسلكها الناس ﻷهدافهم المطلوبة ، ففي لبنان مثلا عمد البعض أيام الحرب اﻷهلية إلى إنشاء مقاوﻻت للموت ، الموت ساعتها كان أهم صناعة وأغلى مثمون ، إذا هممت بتصفية شخص ما فهناك متخصصون يعرفون الخرائط والعناوين وجغرافية المدن ، ومهاراتهم ﻻ تترك مجاﻻ للخطإ ، ينفذون التزاماتهم بدقة عالية واحتراف كبير ، ﻻ يصبون من الطلقات أكثر من اللازم وﻻ أقل من الغرض ، في الوقت والمكان المحددين يتبادل الطرفان الرأس مخزنا في صندوق والمال مدفونا في كيس.

في موريتانيا يمكنك أن تكون كما تشاء إذا طويت صدرك على الطموح ، وصادفتك اﻷقدار مع سمسار بارع او وسيط متمكن او فريس محتال ، كن فاشلا وستتسنم القمم وتعلوا فوق الشواهق ، ستعيش بين النجوم ، لن تضرك قيود الجهل ، وﻻ المعوقات التي تقيد وتفت ، سيطير بك السمسار على أجنحة الريح و سيدفعك الوسيط بيديه إلى اﻷمام و سيقلدك الفريس خاتم سليمان ويعطيك عصا موسى ، حينها سيكون طريقك سالكا الى الوجهة المودعة شفرتها بين لفائف قلبك وطيات وجدانك ، ستنطلق وسترقى في فضاء واسع ، لن تحدك قلة اﻹشتراطات و الامكانيات ولن تعطلك عن المقامات السامقة .

ستظل بوصلتك متعطلة و ستبقى تائها في دروب مقطوعة ووعرة طالما أنك تنظر إلى اﻷشياء بمنطق طبيعي . ، الكفاءة واﻻلتزام والقدرات اﻷخرى قد تسحب منك أوتمحى ، وقد تودع في حساب آخر و لصالح الغير ، ألم تسطع نجوم في سماء التفوق ما كان لها أن تكون أصلا أحرى أن تتألق وتضيئ هناك لوﻻ الخوارق والجهود الخفية ..أسماء كسولة و بليدة وشخصيات جاهلة .. ﻻ تبذل جهدا و لم تتعلم أصلا كيف تجلس على مقاعد الدرس ولم تلج مدرسة في حياتها تتكفل بتخطيط التنمية واﻹدارة الشاملة للعمران ، تقود الى المجهول مراكب يعلوها العلماء والجهابذة والمجتهدون ، ألم يسيطر على القمرة ويستلم الزمام من ﻻ يستحقون المقام ، شذاذ ومنحرفون وأشباه أميين هزموا اﻷسوياء والمتعلمين ، باتوا في كل ركن يتشدقون بالسخافات في القاعات الوثيرة وعلى الشاشة ، في المهرجانات و المبادرات و اﻷسواق ، هم أصحاب الشأن وذوي الهيئات ، ملاك اﻷمور وسادة البلد ، ساسة وأثرياء ومنتخبون وموظفون كبار ، كل شيئ ممكن ومستطاع ، كنوز تسقط من السماء ، وصناديق الفحم واﻷوراق تتحول إلى عملات صعبة ، يصبح الفقير غنيا ويمسي الغني فقيرا ، سرقوا بردة النبي وعمامة الإمام وجبة الفيلسوف ألبسو بهم اللص واﻷفاك والمجنون ، تبدوا اﻷشياء على غير حقيقتها ، أشكال ﻻ تعكس المضامين بل تتناقض معها بشكل صارخ وفاضح ، فكم من ثري يحمل الفقر في دمه وأحشائه ، وصالح في طبعه اعوجاج و فساد ، لم يعد الظاهر متسقا مع الحقيقة العلامة ﻻ تدل على الشيئ ، حيلة السمسار وعضلات الوسيط ونفث الفريس مفاتيح سحرية ، ووصفات تبرؤ اﻷكمه واﻷبرص وتحيي الموتى بإذن الله..

الشيخ التيجاني عبود

 

شاهد أيضاً

تعيين الإطار أحمد ولد الدو ولد الشيخ مديرا مساعدا بوزارة الوظيفة العمومية

تعيين الإطار أحمد ولد الدو ولد الشيخ مديرا مساعدا بوزارة الوظيفة العمومية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *