الاحواض النابضة شيء من التاريخ

جنوب النهر حيث كانت تقوم الممالك مثل ممالك (والو ، وكايور ، و اديولوف) و حيث قرى ونجوع السنغان قامت الحضارة والحياة منذ القدم على الماء فكانت تلك المدن والقري هبة نهر السيغال ، و كانت قديما بمحاذاة النهر تقوم مئات الأحواض والبحيرات تشكل رافدا مهما لبلد يقوم اقتصاده منذ قديم الآباد على الزراعة ومع الزمن جفت تلك البحيرات ونضبت الأحواض فتدهور الوضع المائي وصوح النبت.
مع هذه الوضعية كان لابد من وجود حل لمشكلة المياه مع وجود مؤشرات عن استنزاف الزراعات المروية للمخزون المائي الجوفي وتناقص مخزون بئر كايور الذى يغذي العاصمة داكار بالماء الصالح للشرب، وفى منتصف التسعينات برزت دراسات تتحدث عن ضخ المياه من النهر فى تلك البحيرات و الأحواض الناضبة للاستفادة منها فى أنظمة الري مما سيكون له كبير الأثرفى تفعيل المشاريع الزراعية الضرورية لأمن السنغال الغذائي ودخلت اسرائيل على الخط حسب موقع وزارة خارجيتها، حيث قام فريق من الخبراء الإسرائيليين بالعمل على نقل المياه من نهر السنغال ، من خلال سلسلة من السدود والقنوات ، إلى تلك المناطق مما يوفر إمكانات زراعية عالية وكان ذلك فى عهدالرئيس عبدو ديوف سة 1998 الذى بدأ فى عهده مشروع الأحواض، لكن موقف ولد الطائع الحازم أوقف المشروع السنغالي.
وحين بدأ ” گورْگِي ” أي العجوز بالولفية عبد الله واد حملته الدعائية في انتخابات عام 2000 رافعا شعار “سوبي” جعل من أولوياته عند الوصول للسلطة إحياء مشروع الأحواض الناضبة الذى هدأ بعد تقديم موريتانيا شكوى إلى منظمة استثمار نهر السينغال تدين فيها تصرف الجارة السينغال وإخلالها بمعاهدات ومواثيق المنظمة فهدأ الموضوع إلى حين.
ومع دخول واد إلى القصر الرئاسي الذي دخله في الأول من أبريل عام 2000 بدأ فى انجاز أكبر وعوده الإنتخابية: الأحواض الناضبة – فأشتعل فتيل الأزمة من جديد وبدأت حرب إعلامية وبلغت الأزمة حدتها مما استدعى تدخل ملك المغرب محمد السادس الذي اتصل هاتفيا بمعاوية وواد ودعاهما لضبط النفس والتفاهم.
وفى 5 يونيو 2000 حل الوزير الأول السنغالي مصطفى نياس بانواكشوط واستقبله نظيره الشيخ العافية وسلم انياس رسالة لولد الطايع من واد إلا أن ولد الطايع رأى فى التحرك السينغالي نوعا من كسب الوقت وذر الرماد فى العيون وأنها ماضية فى مشروع الأحواض وكتبت جريدة اشطاري ساخرة: ” نحن فى واد وعبد الله واد فى واد”.
كان ولد الطايع فى الأصل متخوفا من وصول المعارضة بقيادة واد للحكم لأنه كان يرى أنها لا تكن الود للجارة موريتانيا وتعززت مخاوفه بعد تفجير واد للأزمة فور تسلمه للحكم وذلك ما عكسته افتتاحية للوكالة الموريتانية للأنباء بداية شهر يونيو 2000 إبان الأزمة حين كتبت:”إن البلدين حلا على الدوام خلافاتهما مباشرة. وبعد وصول النظام الجديد تراجعت روح الأخوة والتعاون المثمر والثقة المستعادة، والجهود المشتركة لاستغلال نهر السنغال وتدهورت العلاقات بسرعة “
وجاء فى البيان أن السينغال تتجاوز الحصة المسموح بها، إذ تضح ما بين 30 إلى 50 متر مكعب من أصل 200 متر مكعب مخصصة لإنتاج الطاقة. وقال البيان الموريتاني، إنه منذ تم شق القنوات الخاصة بالمشروع السنغالي، المسمى “مشروع الأحواض الجافة” تضررت المشاريع الزراعية الموريتانية، في شكل خطر، بسبب الجفاف، الناتج عن فقد المياه، إثر الضخ السنغالي، الذي يخرق المادة الرابعة من معاهدة 11 مارس 1972.
شرع ولد الطايع فى إجراءات عملية حيث رأى أن ما سيقنع واد هو ما سيرى لا ما سيسمع فأمهل الرعايا السينغاليين فى موريتانيا أياما لمغادرة موريتانيا وعاد الرعايا الموريتانيون من السينغال وحشد ولد الطايع قواته على الحدود وفى اليوم الموالي حل عبد الله واد بانواكشوط واعتذر وتحدث عن التاريخ والجغرافيا وعن أخيه حكيم افريقيا معاوية ونفخ فيه من عبارات الإطراء.
وقال ولد الطايع في كلمة ترحيبية بضيفه السنغالي إن العلاقات الثنائية خالية من الشوائب، ودعا الى المحافظة على هذه العلاقات “الجيدة” مبرزاً ان زيارة واد تندرج في هذا الاطار.
وتم طي صفحة الأحواض ظاهريا على الأقل.
شغل باب ولد سيد عبد الله المعروف بباب ولد أحمد يوره، منصب المفوض السامي لمنظمة تنمية نهر السنغال OMVS اتهمه ولد الطايع بالخيانة العظمى، وسجنه بعد ورود تقارير من مديرية أمن الدولة خصوصا فيما يتعلق بالأحواض الجافة وحصة السينغال من المياه والطاقة، ويقول أعداؤه إنه حصل على أموال مقابل بيع مصالح بلده وأنه هرب تلك الأموال لحسابات فى الخارج عن طريق صديقه رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو.
ويقول أنصاره إن اتهامه بالخيانة العظمى هو ابتزاز من طرف مدير أمن الدولة المفوض دداهي ولد عبد الله الذى طلب منه مبلغ 100 مليون لقاء حفظ القضية.
قام صديقه محمد ولد بوعماتو بجلب واحدا من أكبر المحامين العالميين هو المحامي الفرنسي الشهيرجاك فيرجيس المعروف بمحامي الشيطان والذى وصل إلى انواكشوط ورافع عن الرجل باستماتة وقال فى مداخلته :
” هب أن كوفى عنان بوصفه أمينا عاما للأمم المتحدة اتخذ قرار دوليا ورأت غانا وهي بلده الأصلي فى ذلك القرار اضرارا بها هل يمكن أن تتهم عنان بالخيانة العظمى وهو يمثل ضمير العالم ؟ !
ومع الوساطات القبلية أمر ولد الطايع بحفظ الملف.
ومن الغريب أن الرئيس السنغالي الأسبق عبدوديوف قال في مذكراته إن ولد الطائع أقال باب ولد أحمد يوره ووضعه في السجن لعشر سنوات!
يقول عبدو ديوف في مذكراته التي ترجم مركز الصحراء جزء منها:
عندما وضعت السنغال مشروع الأحواض الناضبة، طلبنا من المفوض السامي لمنظمة استثمار نهر السنغال، وكان موريتانيا حينها، معلومات يحتاجها المشروع.
لم تكن تلك المعلومات سرية، لكن الرئيس ولد الطائع أقاله ووضعه في السجن لعشر سنوات لاتهامه بالخيانة العظمى؛ وانطلقت حملة ضدنا بدعوى أن السنغال تريد الاستحواذ على مياه النهر.
وذلك على الرغم من أنه من المعروف أنه بعد بناء السد كانت هناك مياه كثيرة تذهب هدرا، وتلك المياه هي التي تريد السنغال من خلالها إعادة إنعاش الأحواض الميتة؛ لم تكن هناك مشكلة إنها مياه مُهْدرة تهدد مدينة سينلوي بالغرق، وكنا مجبرين كل مرة على فتح السدود حتى تجريَ.
وأكثر من ذلك فإن الاسرائيليين قاموا بتجربة ناجحة على حوض ‘فرلو’ لتجري فيه المياه وتعيش فيه الأسماك بعد أن كان قاحلا، وذلك من خلال نفس المياه؛ لكن موريتانيا أعاقت هذا المشروع، لأن ولد الطائع لم يكن يريد أن يستمع لأحد.
موريتانيا أيضا، في عهد ولد الطائع، في ما يتعلق بتوصيل الكهرباء من مانانتالي، وقفت ضد المشروع الأصلي الممول من المانحين والقاضي بمد خطوط الضغط العالي عبر السنغال أولا؛ ثم توصيلها في ما بعد إلى موريتانيا، حيث أصروا على أن ‘تمر الخطوط من موريتانيا أولا ثم إلى السنغال ثانيا لأننا نريد أن نتأكد أننا جزء من المشروع.
ورغم أننا جادلناهم بأن تمرير الخطوط من موريتانيا أولا سوف يزيد كلفة المشروع بمليارات إلا أنهم قالو ‘إنهم يخشون أن يقع لكهرباء مانانتالي مثل ما وقع في الأحواض الناضبة، فتستحوذ السنغال على الكهرباء ولا تعطينا منها ما يكفى.
في النهاية كان علينا أن نفاوض المانحين مجددا وبإلحاح حتى قبلوا بدفع المبالغ الإضافية؛ والخطوط التي كانت ستمتد بشكل مستقيم تم تفريغها باتجاه موريتانيا لتعود في ما بعد إلى الأراضي السنغالية.
لم تشهد علاقتنا مع موريتانيا أي توتر في عهد المختار ولد داداه باستثناء مشكلة نشبت بين الرئيسين سينغور وولد داداه بشأن جزيرة تود.
استمرت الأزمة سنتين تبادل خلالها الرئيسان رسائل قاسية يدعى فيها كل منهما أن الجزيرة جزء من بلده. وقد حلت الأزمة بعد أن لا حظ الرئيس المالي موسى تراوري أن الجزيرة بكل الأحوال ستغرق عندما تقام السدود، وعندئذ لن تكون هناك مشكلة. لقد كانت علاقتنا مع موريتانيا في إطار منظمة استثمار نهر السنغال في عهد ولد الطائع صعبة للغاية.
مذكرات الرئيس السنغالي الأسبق عبدو ديوف، ص 93-94.

كامل الود 

إكس ولد إكس اكرك

شاهد أيضاً

جريمة قتل جديدة والضحية شاب في مقتبل العمر

توفي مساء امس في قرية بوگي، الشاب فاضل ولد يرگ (الصورة)، متأثرا بجراحه، بعدما تلقى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *