جلود النفاق / الولي سيدي هيبه

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ ] البقرة: 8 – 20 [
 

تتمايز جميع الشعوب باختلاف الطباع التي تنحت شخصياتها الخاصة لتعرف بها و تنعت. و إذا كان بعض الشعوب قد تميز بالشجاعة حتى بات يوصف بها من طرف أعدائه قبل أصدقائه و حلفائه كشعوب فلسطين و تركيا و روسيا، فإن شعوبا أخرى اشتهرت بالحكمة كالصينيين، و بالعاطفة كالهنود، و الجد و الإصرار كاليابانيين، فيما عرف بعض آخر بصفات كثيرة دميمة كالخيانة و المكر و العداء و الغدر.

   
و بعيدا عن هذه الصفات و غيرها فإن للنفاق في هذه البلاد أربعة جلود لا يخرقها الحياء و لا يمزقها العار.. جلود قاسية و ثابتة كالطود الذي يحتضن بركانا لا يهدأ عن الفوران و قذف حمم المؤامرات و التحريف و الطعن في خائر الهمم و مستهجن التدين و رميم القيم لتصبح فيها:

·        السياسة مستنقعا آسنا يتحرك بوقود النفاق الذي ينشد أهله فتات الأقوياء من موائد النهب و سوء التسيير و ترحيل موارد البلد بأبخس الأثمان.

·        و الأدب أو الذي يدعى كذلك (الشعر و لغن)، مهراس الأخلاق و القيم، و مذيب الشهامة و النخوة و الإباء، و مكسر البيان و مزيل سحره، و الشعراء الغاوون حملة ارتكاس الكلمة و سبب ضياع الأمة بين فكي الظالمين و المفسدين الذين يطعمونهم مدحا كاذبا و تحريضا فاضحا على الاستبداد مقابل خزي العطايا.

·        و القبلية السلبية الظلامية بزعاماتها الخائنة للمعتقد و الضاربة عرض الحائط بالقيم و الأخلاق هي أحد أكثر أوكار النفاق سخونة و أقذرها في تبنيه نهجا معبدا سالكا إلى مآرب لا تحيد قيد أنملة عن عناوين الغبن و الظلم و الاستهتار بالإنسان.

·        العمائم التي تنتحل الدين رداء يتخذه أصحابها لسانا و لكنهم لا يقوون به، عمدا في الغالب، على:

o       قول الحق،

o       و رد الظلم،

o       و نبذ الاختلالات المجتمعية،

o       و شجب هدر المال العام،

o       و تصحيح معتقد الشعب الذي يشوبه ضعف الرسوخ، و العمل على إبعاده عن مسارات الخرافة و الظلامية و نهج “السيبة” الجاثمة بقوة “قانون الغاب” على العقلية العامة الغالبة.

نعم إنه النفاق يلف هذه الأرض ـ التي يدعي أهلها قيم الفروسية و عمق التدين ـ بلحافه الأسود و يحجب عن أهلها نور الحق، و إنها ها هنا جلود النفاق التي كلما نضجت تحت شمسها الحارقة استبدلها الواقع المرير، تحت وطأة “السيبة” العاتية، جلودا غيرها لتستمر “سيزيفية” المسار المدمر للكيان الهش و ليستمر شقاء النفوس المعذبة بفعل استكانتها و تشبثها بهذه الصفة التي ارتهنت لها حتى باتت ميزتها و قد قبلت بأن لا تستنكر أن يكون الحديث كذبا و الوعد خلفا و الائتمان خيانة كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أو كما زاد حديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين  و إذا خاصم فجر و إذا عاهد غدر.

منطقة المرفقات

شاهد أيضاً

بدأ اجرٱت دمج قطاع أمن الطرق داخل جهاز الشرطة

أصدر المدير العام للأمن الوطني الفريق محمد الشيخ محمد الأمين الملقّب “ابرور” اليوم الثلاثاء مذكرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *