رمضان في بلاد الملثمين (موريتانيا)

هنا في  بلاد الملثمين حيث يعيش أحفاد المرابطين الذين كانوا أول من أسس دولة مسلمة في هذه الربوع من الأرض يقبل شهر رمضان من كل عام وسط ابتهاج السكان جميعا بقدومه، شهر يكون له دائما طابعه الخاص في حياة وسيرة الموريتانيين الذين يعظمون هذا الشهر ويصومونه منذ أن دخل الإسلام إلى هذه المنطقة من العالم قبل قرون من الزمن .

ولأن الشعب الموريتاني عرف على مرِّ التاريخ بإكرام الضيف فإنه لم يكن ليفرط في حسن إكرام الضيف السنوي كما يقول أحد علماء البلد حيث أن شهر رمضان يعتبر ضيف الرحمان الذي يجب أن يحسن إكرامه بصيامه وقيامه، وتختلف عادات الأهالي في هذا الشهر بحسب اختلاف مناطقهم وطبقاتهم، لكن الإجماع يبقى على الالتزام التام بالنسك الدينية والقيم الأخلاقية والاجتماعية حيث يطبع التعاون والتآخي غالبا كل تصرفات الصائمين فتكاد الفوارق الاجتماعية تتبدد أمام منظومة التكافل الاجتماعي حيث تنصهر كل الفئات والطبقات الاجتماعية داخل نفس المستوى الاجتماعي طيلة الشهر الكريم.

الشاي سيد موائد رمضان في موريتانيا بعد أيام طويلة وحارة
تغلغلت ثقافة الشاي داخل المجتمع الموريتاني منذ سنين، وبات الناس يحرصون على مجلس الشاي أكثر من أي مشروب أو وجبة. وفي رمضان تحرص ربات البيوت على إعداد الشاي قبل الإفطار بدقائق قليلة ليكون جاهزاً حين يرفع أذان المغربويقبل الموريتانيون على احتساء الشاي بشراهة، ويقدمونه على جميع أصناف الأكل بعد يوم الصيام الطويل والحار في موريتانيا.
ويرجع سبب تفضيل الموريتانيين لشرب الشاي مباشرة بعد الإفطار إلى تأثير الإدمان عليه، حيث أن الإفراط في شرب الشاي المركز، الذي يعده الموريتانيون وفق معايير خاصة، يسبب صداعاً وألماً بالرأس حين ينقطع “المدمن” عن شربه، كما يتسبب عدم شربه في الأوقات التي اعتاد الشخص عليها في الشعور بالنعاس والإجهاد.
ويعرف الموريتانيون بالإدمان المفرط في شرب “أتاي” كما يسمونه، ويتساوى الميسور والفقير في الإقبال على هذا المشروب الشعبي، الذي يعتبر أحد أهم أساسيات الحياة اليومية في موريتانيا، ويقدم لإكرام الضيوف وفي الأعياد والمناسبات.
ويقدم الموريتانيون الشاي في أكواب زجاجية صغيرة، نصف الكوب الأعلى مليء برغوة الأتاي”، والشاي في النصف السفلي، ويسمون فنجان الشاي بالكأس، ويحرصون على اقتناء أفضل أواني الشاي من إبريق وكؤوس.
وتربط الثقافة الشعبية تحضير الشاي بتوفر شروط أساسية يختصرها المثل الموريتاني الذي يقول “أتاي لا بد له من ثلاث جيمات، الجماعة، والجمر، والجر”، ومعناه أن الشاي لا يصلح إلا بتوفر جماعة من الناس يحضر لهم “القيام”، وهو معد الشاي وعادة هو أصغر الجماعة سناً، الشاي على جمر ملتهب، ويحرص على التأني في تقديم كؤوس الشاي ثلاث مرات والإطالة بشكل يتناسب مع الفترة الزمنية التي دام فيها اجتماع المجلس.
ورغم أنه من عادات البلاد تحريم المصافحة بين الرجل والمرأة الغرباء عن بعضهم، فإن المجتمع يسمح باجتماعهما في مجلس شاي، مما يدل على سلطة هذا المشروب واحترام المجتمع لطقوس إعداده التي تشترط توفر الجماعة. .

شاهد أيضاً

من هو السفير الأمريكي الجديد في موريتانيا

رشح الرئيس الأمريكي جو بايدن الدبلوماسي كريستوف آندر توكو لمنصب سفير الولايات المتحدة في العاصمة …