زيد بن صوحان العبدي من عظماء الإسلام

في ليلة من الليالي , أخذت رسُول الله صلي الله عليه وسلم سنة من النْوم , ثُم قامُ من نومُه وهُو يقوُل : زيدٌ وما زيدٌ , وجندب وما جندب .
فتعجب الْصحابةُ رضوان ربي عليهم وقالوا : يا رسُول الله , ما خبر زيد , وجندب ؟.

فقال رسُول الله صلي الله عليه وسلم : هُما رجلان من أمتي , أما أحدهما فتسبقه يده إلي الجنة , ثُم يتبعها سائر جسدهُ , وأما الآخر فيضرب ضربة تفرقُ بينْ الحق والباطلُ .

ثُم مُضتْ السُنْونُ , ولحقُ رسُول الله صلي الله عليه وسلم إلي جوار ربهُ , وكُاد الناس ينسُون خُبر زيد وجندب , حتى كُان اليوم الرابع من أيام القادسية , يوُمهُا الحاسُم والأخير , وهُو يوم الأحد السادس عشر من شعبان من العام الخامس عشرٌ للهجرة .

وقد ارتفع في هُذا اليوم صوت القعقاع بن عُمروُ رضي الله عنه ينادي المسلمين : يا معاشُر المسلمين , إن الهزيمة بعد ساعة لمن يتخاذل , فاصبروا ساعة ولا تنخذلوا , واحملوا علي عدوكم , فإن النصر مع الصبر .

وما هي إلا لحظات , حتى كان أبطال الإسلام يتدافُعون نحو عدوهم , واحتدم القتال علي أشد ما يكون القتال , وتطايرت الرؤوس من غير حسابُ , وتناثرت الأشلاء فوق كل شبر علي أرض المعركة , وبلغ عدد شهداء المسلمين في يوم القادسية الحاسم ستة آلاف شهيد .

وفي إحدى سُاحات المعركة كان زيد بن صوحان رضي الله عنه يدك بعزماته المؤمنة صفوف الكافرين , ويثُخن فيهم الجراح , فتجمع عليه عدد من الفرس , فحاصروه فثبت لهمُ , وظل يقاتلهم وحيدًا , حتى تمكن أحدهم منه , فضربه بسيفه ضربة قطعت يده من أعلى الكتف , فوقعت علي الأرض , وتحامُل زيد علي جُرحهُ , وظل يقاتل القوم بيده الأخرى , حتى تمكن من الوصول إلي مواقع

المسلمين لتتلقفه الأيدي المؤمنة تضمد جراحهُ , وهو لا يفتأ يدعو الله عز وجل أن تتحقق فيه رؤيا رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم , فليحق جسده بيده إلي الجنة. أما جندب في ظل يقاتل حتى حقق الله لمُؤمُنْينُ النصر ثم لحق بجوار ربه .
______________
تاريخ دمشق لابن عساكر

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *