فريق “المرابطين” سابقا!

arton21010-02986

منذ عقدين أو يزيد انتسبت إلى الصحافة الرياضية من الإذاعة الوطنية، مع أوائلها الذين صبروا عليها مثل الراحلين كولوبالي سليمان وحمو أحمدو مامين (رحمهما الله) وسيدي ابراهيم حامدينو… بيد أن هزائم المرابطين نالت مني فأبليت بلاء سيئا في هذا الجانب. لكني ـ إقرارا بذلك ـ فررت فرارا وتركت الميدان لغيري ممن تابع الأمل مع المرابطين دون أن ينعم بطعم النصر يوما واحدا مع الأسف.
واليوم فإن صوتي وبصماتي مع الكاتب عبد الرحمن ولد ودادي في ضرورة إنقاذ اسم المرابطين وتجريد الفريق الوطني من هذا الاسم، على الأقل إلى حين… إلى أن يكون هناك فريق كرة قدم وطني حقيقي… قادر ـ مثلا ـ على تحقيق نصر مقابل كل خسارة أو كل خسارتين إلى عشر… ثم يكون بعد ذلك مستحقا لحمل هذا الاسم الكبير، يعرف معناه ويتذكر مغناه.
إن أكبر إنجاز ستحققه لنا الاتحادية الوطنية لكرة القدم اليوم، هو محو هذا الاسم (المرابطون) من أوراقها وحظر استخدامه على ألسنتها… حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده. سيكون هذا إنجازا كبيرا أعظم وأهم من كسوة جيراننا في الشمال والجنوب، مع أنه كان يكفينا أن نرد بعض كراتهم عن شبكة فريقنا التي أنشق أسفلها وانشق أعلاها!!
لقد أهين هذا الاسم العظيم الذي ملأ الدنيا وصنع البطولات انطلاقا من النهر الصنهاجي جنوب هذه الصحراء الموريتانية حتى تخوم بلاد الغال ومشارف مرسيليا، وعُفر بالتراب وأُلصقت به هزائم فريقٍ كرةٍ أدمن الفشل واستحلى طعمه واستخف ثقل عاره… حتى لم تعد تهتز له شعرة منه، بل بات يرى الانتصار محظورا والهزيمة ضربة لازب لا ضربة جزاء!
وما الضير أصلا في أن يتخلى فريقنا الوطني “الثري”عن هذا الاسم ويتبنى اسما آخر، أيّ اسم؟. ومن يدري؟ فقد يكون في ذلك “حظ” لهذا المنتخب، الذي ربما أصابه “غضب” ابن ياسين وابن تاشفين وابن عامر من شيء ما!. وكان الناس ولا زالوا يستخدمون أسماء “غريبة” للابناء الأعزاء (تزواگ الاسم) ظنا أن ذلك ينقذ حياتهم!
ومع احترامي لرئيس وأعضاء الاتحادية ولكل فرد من الفريق الوطني ـ المرابطون سابقا ـ فإنني من الناحية اللغوية الصرفة لا أرى تناسبا ولا تناغما بين هذا الاسم وبين بعض أسماء الفريق وأسماء مدربيه… (دومينيك، باتريس، كورانتين…) مثلا!!
أعرف أن كثيرين سيقولون هذا تثبيط وسباحة عكس التيار… بدل التشجيع والتفاؤل…
واعتقد أن ذلك ربما يصح لو تعلق الأمر بخسارة مباراة أو اثنتين أو ثلاث… لكن الأمر بات أكبر من ذلك، كما لو كان قدرا محتوما. فأصبحت الصراحة والمواجهة لا مفر منهما. لقد شُجع المنتخب الوطني بالإعلام والأعلام والجمهور والمال… ولم يُجدِ ذلك نفعا، كما شجع قبل ذلك بلقب “المرابطين” نفسه!.
والآن حان الوقت لتجربة أنواع أخرى من التشجيع، بله البناء والتأسيس…
لا بد من خلق رياضة وطنية حقيقية تتجاوز أهدافها حصد البطولات وجمع الكؤوس والكرات الذهبية… (والتي لم نقترب منها) لتكون تلك الأهداف هي أولا إشاعة الرياضة البدنية ونشرها لتحقيق مجتمع متمتع بالصحة البدنية والنفسية…
وغني عن القول إن كل منتخب وطني في العالم إنما يؤلف نفسه من انتخاب أبطال فرقه المحلية. في حين أننا لا نتوفر على مثل هذه الفرق، لأننا رغم حب الرياضة وسريان حميائها في ناشئتنا بسبب التأثير الإعلامي الهائل، لا نمارس الرياضة ولا نوفر الوسائل ولا الإمكانيات الضرورية لانتشارها.
انظروا إلى الأطفال في الأحياء والأزقة يلعبون الكرة في الشوارع الضيقة ـ وهي معظم شوارع مدننا ـ بين الحفر والقمامة والمباني والركام، في صراع مع العربات والمارة.
لا الدولة ولا البلديات تهيئ لهم ملاعب ولا فضاءات لممارسة هوايتهم وتنميتها… بل لا تترك لهم الساحات العمومية القليلة التي اختفت بسبب تشريعها وبيعها للمغتصِبين (الكزرة). فمن أين سياتي اللاعبون المحليون لرفد منتخب تتقاذفه الندرة والشيخوخة والفشل…؟!
ويقبع الملعب المؤهل الوحيد في البلاد في أحد أحياء العاصمة البعيدة من السكان، موصدة أبوابه أمام الهواة، ومطفأة أنوار ممراته الخارجية ليلا في وجه من يقصدونه للرياضة الصحية المجتمعية، خاصة من النساء والشيوخ بعد مغيب الشمس اللافحة!
فهل هذه سياسة دولة تشجع الرياضة وتريد أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون؛ أي أن تحصد البطولات القارية والدولية بقفزة واحدة دون المرور بالسلم المنطقي؟
ومن جهة أخرى ــ وفي انتظار بناء هيكل رياضي طبيعي ـــ ما ذا يضرنا لو صرفنا النظر عن المشاركة في تلك البطولات أو بعضها؟ هل من الضروري أن نشارك في كل البطولات القارية والدولية، ويكون لنا منتخب فيها كما لنا علم ونشيد وطني؟ وما ذا لو تخلفنا عنها باختيارنا، بدل أن نُخرج منها مدحورين خاسرين خاسئين؟!
هل ستفرض علينا الأمم المتحدة حصارا ويقرر مجلس الأمن الدولي عقوبتنا تحت الفصل السابع؟!
بالطبع لا… بل سنجد الفرصة ونوفر الوسائل لخلق رياضة طبيعية وتنصب جهودنا على بناء مؤسسات هيكلية وملاعب محلية وجهوية ووطنية متسلسلة مع تكثيف وتنويع البطولات المحلية والوطنية… وحين تنضج الثمرة نقطفها ونؤلف منتخبا قويا بالعناصر والروافد لخوض البطولات الخارجية… وحينها يكون الاسم “المرابطون” قد تعافى وأصبح له فريق وطني يليق به.

م. محفوظ ولد أحمد

 

شاهد أيضاً

التحضير لزيارة الرئيس غزواني إلى مدينة انواذيبو

التحضير لزيارة الرئيس غزواني إلى مدينة انواذيبو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *