مواقع التواصل الاجتماعي وتغيير “الصورة النمطية” للمرأة العربية

151130152337_media_future_640x360_bbc_nocredit

تغيرت صورة المرأة تدريجياً في الإعلام العربي لتتحول من ربة المنزل المطيعة إلى امرأة أكثر استقلالية مع زيادة وسائل الاتصال سواء في الإعلام الخاص أو على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

ويُعد الشرق الأوسط من أسوأ المناطق التي يمكن أن تعيش فيها في العالم من حيث توفر الحقوق والمشاركة والمساواة بين الجنسين.

ورغم أن النساء يشكلن نحو 49.7% من إجمالي عدد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويبلغ 345.5 مليون نسمة إلا أن المنطقة حلت في المركز الأخير من حيث الفجوة بين الجنسين، وذلك وفقا لإحصائيات المنتدى الاقتصادي العالمي في 2015.

واحتلت مصر المرتبة الـ 136 من بين 145 دولة من حيث الفجوة بين الجنسين، بعد السعودية التي جاءت في المركز الـ134 بينما تذيل اليمن القائمة.

إضافة لذلك، فقد صُنفت مصر الدولة الأسوأ للنساء على مستوى العالم العربي وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة تومسون رويترز واستعانت فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة عام 2013، واعتمدت الدراسة على مستويات التحرش الجنسي وختان الإناث والعنف ضد المرأة.

مع أخذ هذه الإحصائيات في الاعتبار، يمكن القول أن المرأة العربية تعيش في دائرة خاصة من النضال الذي قلّما تعبر عنه الصورة التي ترسمها وسائل الإعلام. غير أن دلالات تشير إلى تغيير اتجاه الإعلام من قضايا المرأة.

صورة تقليدية وتغطية ضعيفة

تتسم تغطية قطاع كبير من الإعلام العربي بالتقليدية في التعامل مع قضايا المرأة. فنجد أن كثيرا من الصحف العربية إن لم يكن أغلبها تخصص صفحات وملفات دورية عن المرأة، غير أن المُتابع لتلك الصفحات يلاحظ أن معظمها يحصُر التغطية على قضايا الأسرة والموضة ووصفات الطهو، مما يوحي بأن دور المرأة يقتصر على كونها زوجة وأما.

وقد ربط عدد من الدراسات التي أُجريت حول تمثيل المرأة العربية في الإعلام بين صورة المرأة كزوجة وأم وبين استغلال المرأة كسلعة في المواد الإعلانية والدرامية.

وتبقى القضايا الأكثر محورية وتأثيرا في حياة المرأة العربية كالمساواة في مكان العمل والتحرش الجنسي، أقل تمثيلا وتندرج غالباً تحت قائمة القضايا الاجتماعية والمحتوى الجاد وتُجنَب من صفحات المرأة.

وعلى الرغم من تزايد جرأة ونسبة تناول تلك القضايا، وتزايد أعداد النساء العاملات في مجال الإعلام، إلا أن أغلب الخبراء الذين يتم استضافتهم في البرامج للتعليق على تلك القضايا هم من الرجال، وينحصر وجود المرأة في دور الضحية أو شاهدة العيان.

لكن بصيص من الأمل يُطل مع عدد متزايد من المذيعات المُحنكات اللاتي يُدرن برامج حوارية مؤثرة على الساحة العربية، إضافة لعدد من البرامج النسائية التي تتناول قضايا المرأة من وجهة نظر نسوية.

ولعل أحد أبرز تلك البرامج وأطولها عمرا هو برنامج “كلام نواعم” الذي تذيعه قناة MBC السعودية منذ 2002.

ويتناول البرنامج القضايا الاجتماعية المؤثرة في حياة المرأة العربية كما يحاور قادة وشخصيات نسائية عامة عربية ودولية في إطار رسم صورة مغايرة للمرأة النموذجية مٌحاولاً تسليط الضوء على الأدوار القيادية والريادية للمرأة العربية.

مثال آخر، لبرنامج تلفزيوني لافت على الشاشات العربية برنامج “كلام كبير” الذي أطلقته الطبيبة هبة قطب على قناة المحور المصرية وتتناول فيه قضايا جنسية من منظور طبي، لتتحدى موروثا مُحافظا يتعامل مع الجنس بكل حذر.

مواقع التواصل الاجتماعي وخلق التغيير

وبينما يبدو الإعلام التقليدي مُستجيباً للتغيرات الاجتماعية التي تطرأ على صورة المرأة العربية النمطية، يبقى الإعلام الاجتماعي المُحرك الأقوى في اتجاه هذا التغيير، من خلال عدد متزايد من المبادرات والحركات النسوية الساعية لرسم صورة أكثر استقلالية وتحررا من ذي قبل.

ولعل أحد أبرز المبادرات هي مبادرة حملت عنوان “انتفاضة المرأة في العالم العربي” التي انطلقت في 2012 في أعقاب الانتفاضات الشعبية في 2011، “لمناصرة حقوق المرأة الانسانية وحريتها واستقلاليتها في العالم العربي”، كما تقول صفحة المبادرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

وتُعد تلك الصفحة التي يتابعها نحو 120.000 مُتابع، هي المِنبر الرئيسي للمبادرة التي أطلقتها 4 ناشطات عربيات من مصر ولبنان وفلسطين. وتقوم الصفحة بالحشد لفاعليات رفض جميع أشكال العنف ضد المرأة، كما تسعى لنشر مفاهيم الحرية والمساواة.

وتكمن قوة الدور الذي يلعبه الإعلام الاجتماعي في كونه أولاً يتيح فرصة حقيقية للمرأة للتعبير عن قضاياها بلغتها والحشد من أجل التعاطي معها، ومن ثم أصبح كذلك يتحدى طرح وسائل الإعلام التقليدية بل ويحدد أولويات القضايا التي يتناولها ذلك الطرح.

ولعل المبادرات الهادفة لمواجهة العنف والتحرش الجنسي تقدم مثلاً واضحا لأثر الإعلام الاجتماعي في إحداث تغيير ملموس.

وتأتي على رأس تلك المبادرات تأتي “شُفت تحرُش” في مصر، التي سجلت أعلى نسبة للتحرش الجنسي في الدول العربية، والتي بدأت في أعقاب تزايد حدة الاعتداءات على النساء تزامناً مع التوتر الأمني في 2013.

وقامت فكرة الحملة في البداية على رسم خرائط بأماكن الاعتداءات ومن ثَم دعم الضحايا، غير أنها مع الوقت تحولت لعدة نشاطات فرعية تتضمن مجموعة من المتطوعين يعملون على تأمين المسيرات النسائية ونشر الوعي ضد الظاهرة.

شاهد أيضاً

جريمة قتل جديدة والضحية شاب في مقتبل العمر

توفي مساء امس في قرية بوگي، الشاب فاضل ولد يرگ (الصورة)، متأثرا بجراحه، بعدما تلقى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *