زعيم مؤسسة المعارضة : التعديلات الدستورية المقترحة تلغي التوازن بين السلطات

4412

قال زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية في موريتانيا الحسن ولد محمد إن الحوار الأخير مع السلطة طبعته الأحادية وغاب عنه أهم مكونات الطيف السياسي المعارض، مشيرا إلى أن التعديلات الدستورية المقترحة في الحوار تضيف تعقيدات جديدة لأنها تلغي التوازن بين السلطات وتعطي المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية.

وأوضح ولد محمد -في حوار مع الجزيرة نت- أن إعلان رئيس الجمهورية محمد ولد عبدالعزيز عدم توليه مأمورية ثالثة هدفه التغطية على فشل الحوار، مؤكدا أن الحوار لم يأت بجديد ولم ينزع فتيل الأزمة. داعيا إلى حوار جدي شامل حقيقي يشارك فيه الطيف السياسي المعارض.

وعن عدم توافق المعارضة في اتخاذ موقف موحد من المشاركة في الحوار، قال ولد محمد إن كل حزب اتخذ موقفه بناء على قراءته للواقع ورؤيته السياسية، ونحن نحترم لزملائنا خياراتهم ولا نتدخل فيها.

وفيما يأتي نص الحوار: 

ما تقييمكم للحوار الذي انتهى قبل أيام بين الموالاة وبعض أحزاب المعارضة، وما موقفكم من نتائجه؟

أود في البداية أن أجدد التأكيد على أننا في المعارضة كنا ولا نزال مقتنعين بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمة التي يعيشها بلدنا منذ انقلاب 2008.

وطالما دعونا إليه وطالبنا به، لكن السلطة ظلت ترفض الاستجابة لهذه الدعوات قبل أن تعلن رغبتها في الحوار وتدعو إليه، الأمر الذي رأينا فيه تحولا جيدا ومفيدا.

وبينما كنا نسعى إلى حوار جاد يشمل جميع مكونات الطيف السياسي، تفاجأنا بانطلاق الحوار الأخير الذي طبعته الأحادية وغاب عنه أهم مكونات الطيف السياسي المعارض.

وهو غياب تتحمل السلطة مسؤوليته كاملة، فمؤسسة المعارضة الديمقراطية مثلا لم تدْعَ، وقوى المعارضة الرئيسية ممثلة في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة غيّبت، رغم أنها كانت قاب قوسين أو أدنى من الدخول في الحوار.

ولذلك كانت السمة الأساسية للحوار الذي انفض قبل أيام هي الأحادية تحضيرا وتنظيما ومشروعا، فالسلطة كانت المحضر والمنظم، مما وضع الطرف المعارض المشارك في موقع ردة الفعل في مواجهة المشروع الذي يحاول تكريس سلطة الفرد ويقوض توازن السلطات ويلغي التناوب السلمي على السلطة.

صحيح أن بعض الأحزاب المعارضة المشاركة حاولت استعادة المبادرة، وعادت لبرامجها ورؤاها لتقديم أفكار ومقترحات في مواجهة مشروع السلطة، لكنها ظلت في موقع الطرف الذي يحاول التكيف مع أمر لم يُشْرَكْ فيه.

ومن هنا جاءت مخرجات الحوار هزيلة وخطيرة في نفس الوقت. هزيلة لأنها تجاهلت هموم المواطن ومشاكل الوطن، فلم تول اهتماما لمعاناة المواطنين من الغلاء وارتفاع الأسعار، خاصة أسعار المحروقات التي انخفضت في كل بقاع العالم باستثناء بلدنا. وخطيرة لأنها تتضمن تعديلات دستورية تكرس سلطة الرئيس في مواجهة مختلف السلطات، وتلغي مكونا من مكونات السلطة التشريعية، وتمس رموز الدولة ممثلة في العلم والنشيد الوطنيين.

 لكن الحوار أفضى إلى توافقات اعتبرت مهمة، وحافظ على مبدأ التناوب السلمي على السلطة من خلال رفضه تعديل المواد المتعلقة بعدد المأموريات، وأنهى الجدل بشأن عزم الرئيس محمد ولد عبد العزيز الترشح لمأمورية ثالثة.

لم تخيب نتائج الحوار ظننا، فقد كانت مخرجاته ترجمة أمينة لتحضيره وسيره، فعكست إرادة أحادية من خلال تبني كل ما قدمته السلطة، وتم الحسم في نقاط خطيرة كالتعديلات الدستورية التي بينت خطورتها في إجابتي السابقة.

وفي المقابل، كانت المخرجات عائمة وشديدة الغموض حين تناولت القضايا المتعلقة بالمسار الانتخابي وضمانات الشفافية التي ظلت مثار خلاف بين السلطة والمعارضة، مثل القانون الانتخابي ومهام اللجنة المستقلة للانتخابات وصلاحياتها وحياد الإدارة وفصل السلطات واستقلال القضاء.

وبخصوص ما سميتموه حسم الجدل بشأن المأموريات، فالرئيس في هذه “أفلح إن صدق”، ومع ذلك فهذه قضية محسومة بموجب نص الدستور، ويفترض ألا تكون موضع جدل أصلا ليحسم أو يبقى.

وقد كان إعلان رئيس الجمهورية لها بهذه الطريقة وفي هذه المناسبة هدفه التغطية على فشل الحوار.

ورغم السمة الإيجابية لهذه الخطوة فقد صاحبها الكثير مما يقال، فقد كانت لغة الرئيس مليئة بالاستهزاء بشركائه السياسيين والاستخفاف بالشعب الموريتاني، كما أن إعلانه أنه لا يخاف تغيير الدساتير وأنه قد غيرها بالانقلاب، فيه الكثير من الاستهانة بكل الثوابت الديمقراطية وعدم احترام أسمى وثيقة قانونية.

 ألا يشكل إعلان رئيس الجمهورية عدم إمكانية تعديل المادة المتعلقة بالمأموريات خطوة إيجابية يمكن التأسيس عليها لخلق توافق سياسي تندمج فيه المعارضة المقاطعة؟

أشرت قبل قليل إلى أن هذه الخطوة يمكن اعتبارها إيجابية رغم أنه لا منة فيها، على عكس ما يود الحزب الحاكم أن يسوّق.

غير أن ذلك لا يعني أن الأمر يشكل قاعدة يبنى عليها، فالحوار لم يأت بجديد، ولم ينزع فتيل الأزمة بل ربما يضيف تعقيدات جديدة خاصة فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية التي تلغي التوازن بين السلطات، وتعطي المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية وتلغي محكمة العدل السامية التي كانت مسؤولة عن محاكمته.

 لكن التعديلات المقترحة أحالت محاكمته إلى المجلس الدستوري، وأبقت سلطة الاتهام من اختصاص البرلمان.

ذلك أمر غير منطقي ولا مقبول، فالتعديلات التي اقترحوها تمنح رئيس المجلس الدستوري خلافة الرئيس في حال شغور منصبه وعدم وجود رئيس للجمعية الوطنية، وفي نفس الوقت تجعل للمجلس سلطة محاكمة الرئيس، ألا يعني ذلك أن رئيس المجلس يصبح صاحب مصلحة ومن ثم يكون الخصم والحكم؟

 لنعد للسؤال السابق، ألا يوجد في مخرجات الحوار وخطاب رئيس الجمهورية ما يمكن البناء عليه لتجاوز حالة الاستقطاب وانعدام الثقة التي تحكم الساحة الموريتانية منذ فترة؟

كما قلتُ من قبل إننا بحاجة إلى حوار جدي شامل حقيقي يشارك فيه الطيف السياسي المعارض ويناقش القضايا التي تهم المواطن، حوار يعزز الديمقراطية ويصون المكتسبات ويمكن من تطبيع الوضع السياسي وينهي حالة الشحن والاستقطاب.

ومن واجب السلطة المبادرة إلى تنظيم هذا الحوار، فذلك يصب في مصلحتها ومصلحة الوطن، وهو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار والخروج من الأزمة التي يعيشها البلد.

وعلى المعارضة أن توحد صفوفها وتتجاوز خلافاتها لتتمكن من الضغط على السلطة، وبلورة مشروع وطني مقنع، يمكن تسويقه والدفاع عنه. 

 في تقييمكم لنتائج الحوار قلتم إن مخرجاته جاءت عمومية فيما يتعلق بالمسار الانتخابي وضمانات الشفافية. ألا يمكن تفسير ذلك بأن الحكومة أرادت ترك الباب مفتوحا لتتمكن المعارضة المقاطعة من المشاركة في صياغة هذه القضايا التي تهم كل الطيف السياسي؟

يا ليت.. لكنهم لم يدعوا ذلك ولم يقولوا إنهم أجلوا حسمه انتظارا للآخرين، بل إنما يفهم من سياقات وصياغات نتائج هذا الحوار الأحادي أن السلطة أرادت تمرير مشروعها وفرضت خياراتها في القضايا التي تهمها، أما القضايا الأخرى الجوهرية للديمقراطية والتعددية فلم تولها اهتماما يذكر، وجاءت كما قلت عامة غامضة.

صحيح أن قوى المعارضة التي شاركت استطاعت رغم ذلك الحفاظ على أهم المكتسبات الديمقراطية للشعب الموريتاني المتمثلة في عدد المأموريات الرئاسية، وهو أمر نثمنه لزملائنا في المعارضة ونحييهم عليه، ونرى أن موقف المعارضة المقاطعة شكل لها ظهيرا داعما في وجه الهجمة الشرسة من طرف السلطة الساعية للعبث بالمواد المحصنة دستوريا.

 تترأسون هيئة دستورية تضم عددا من الأحزاب بعضها شارك في الحوار وثمن نتائجه، وأنتم تقدمون هذا الرأي الحاد تجاه الحوار ومخرجاته. أليس هذا تناقضا في موقف الهيئة التي يفترض فيها تمثيل مكوناتها؟

الهيئة كما قلتم تمثل -نظريا ودستوريا- المعارضة، ومجلسها التوجيهي الحالي يضم ثلاثة أحزاب أحدها شارك في الحوار، وآخر عضو في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض المقاطع، وثالثها قاطع رغم عدم انتمائه للمنتدى.

وقد اتخذ كل حزب موقفه بناء على قراءته للواقع ورؤيته السياسية، ونحن نحترم لزملائنا خياراتهم ولا نتدخل فيها.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *