لمحة عن أشهر شيوخ الطريقة التجانية الصوفية: إبراهيم نياس

nyass

لن تذكر كلمة “نياس” في ساحات أي دول غرب إفريقيا إلا وترى العامة يبدون احترامهم الهائل إضافة إلى جمل للمدح وصيغ للتكريم؛ فهم لا يعرفون أي مسمى بذلك الاسم سوى “إبراهيم نياس”, أحد مشايخ الطريقة التجانية الصوفية – إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق. فهو عالم دين سنغالي، معروف بغزارة علمه وقدرته على التأثير الروحي خارج حدود بلاده، حيث يعتبر من أهم متصوفة السنغامبيا خصوصا وغرب إفريقيا عموما خلال القرن العشرين.

المولد والدراسة

ولد إبراهيم نياس يوم الخميس 15 رجب 1320هـ المواقف لأكتوبر 1902 في قرية طيبة الصغيرة التي تقع قرب مدينة كولخ في السنغال، فعرف بالشيخ إبراهيم نياس الكولخي، وبالشيخ “باي” أو “شيخ الإسلام”. نشأ في حضن والده عبد الله نياس الذي كان من كبار علماء السنغال.

حفظ إبراهيم نياس القرآن الكريم برواية ورش عن نافع على يد والده قبل بلوغه العاشرة من عمره، وتعلم منه -وهو في ريعان شبابه- العلوم الشرعية واللغوية من فقه وأصول وقواعد وسيرة، وأدب ونحو وصرف، كما أخذ عنه التصوف على الطريقة التجانية.

الوظائف والمسؤوليات

أهلته مكانته العلمية لتولي مسؤوليات ومهام عديدة في المجالين الدعوي والعلمي، فكان نائبا للرئيس ثم رئيسا للمؤتمر الإسلامي بكراتشي، وعضوا مؤسسا في رابطة العالم الإسلامي، ورئيسا مؤسسا لمنظمة الاتحاد الإفريقي لدعاة الإسلام، وعضوا مؤسسا في جمعية الجامعات الإسلامية بالرباط، بالإضافة لعضويته في هيئات دعوية إسلامية عديدة.

نال نياس العضوية في مجالس ومجامع علمية، منها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، ومجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة أيضا، والمجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر.

تجربته الدعوية والصوفية

عُرف إبراهيم نياس باهتمامه الكبير باللغة العربية، ومن أهم مظاهر ذلك رفضه إدخال أبنائه إلى المدرسة الفرنسية إبان فترة الاستعمار رغم الضغوط التي مارسها عليه الفرنسيون؛ واختار في المقابل تعليم أبنائه العلوم العربية والإسلامية.

بدأ التدريس قبل بلوغه الثلاثين عاما، واستطاع نسج علاقات كثيرة مع العديد من القادة والعلماء في العالم العربي والإسلامي أثناء أسفاره إلى البلدان العربية والإسلامية بهدف الاطلاع على أحوال المسلمين. وساهم في تأسيس العديد من المنظمات الإسلامية العالمية التي تهدف لتحقيق وحدة المسلمين. كما طالبوه بأن يؤم صلاة الجمعة في جامع الأزهر، ويقال بأن الشيخ محمد الغزالي علق بعد صلاة الجمعة على خطبته قائلا: ” إننا مطمئنون على مستقبل العالم الإسلامي ما دام في المسلمين أمثال ضيفنا العظيم شيخ الإسلام إبراهيم إنياس”.

أخذ أصول الطريقة التجانية عن والده عبد لله نياس، إلا أن أتباع طريقته يعتبرونه أحد مجددي الطريقة بإدخاله مفهوم “الفيضة” في تعاليم الطريقة.

وتعتبر”الفيضة” بشارة حسب اعتقاد التجانيين، إذ تحدث عنها مؤسس الطريقة الشيخ أحمد التجاني في قوله “تأتي فيضة على أصحابي حتى يدخل الناس في طريقتنا أفواجا أفواجا، تأتي هذه الفيضة والناس فى غاية ما يكونون من الضيق والشدة”.

حدد لنفسه أهدافا في عمله، منها دعوة غير المسلمين للدخول في دين الله وترك الوثنية وغيرها من الديانات، ومحاولة توعية المسلمين ونصحهم وإرشادهم ونشر اللغة العربية، وتعميق الشعور بالأخوة الإسلامية. كما سعى للتصدي للقوى الساعية لفتنة المسلمين عن دينهم وعلى رأسها جماعات التنصير الغربية.

تمكن إبراهيم نياس من نشر طريقته في العديد من البلدان الأفريقية وبوجه خاص نيجيريا التي يوجد فيها أكبر عدد من أتباع هذه الطريقة. ويعود سر انتشارها فيها لمبايعة عبد الله بايرو أمير منطقة كانو بشمال نيجيريا لإبراهيم نياس خلال لقاء جمع الرجلين سنة 1937 أثناء تأديتهما مناسك الحج.

ولنياس إسهام كبير في نشر العلوم العربية والإسلامية بغرب إفريقيا من خلال تأسيسه للعديد من المدارس الإسلامية والعربية، التي خرجت الآلاف من حفظة القرآن وحملة الثقافة العربية والإسلامية في السنغال والمنطقة. وبذلك عد إبراهيم نياس أحد كبار شيوخ التصوف في غرب أفريقيا وله أتباع وتلاميذ في القارة الأفريقية وخارجها.

المؤلفات

ساهم إبراهيم نياس في ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الولولفية (اللغة الأكثر انتشارا في السنغال)، وألف عدة كتب في مجال التصوف والفقه واللغة، من أبرزها: “كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس”، و”روح الأدب”، و”سبيل السلام في إبقاء المقام”، و”نجوم الهدى في كون نبينا أفضل من دعا إلى الله وهدى”. كما ألف دواوين شعرية معظمها في مديح النبي صلى الله عليه وسلم.

وعرفانا بجهوده، أنشئت جائزة “إبراهيم نياس للسلام”، وهي جائزة سنوية تمنح لأحد الشخصيات البارزة في مجال نشر الإسلام وإشاعة ثقافة السلام.

الوفاة
توفي إبراهيم نياس بلندن حيث كان في رحلة للعلاج يوم 15 رجب 1395هـ الموافق 26 يوليو/تموز 1975، ودفن في مدينة معروفة باسم “مدينة” جنوب شرقي السنغال قرب مدينة كول

شاهد أيضاً

جريمة قتل جديدة والضحية شاب في مقتبل العمر

توفي مساء امس في قرية بوگي، الشاب فاضل ولد يرگ (الصورة)، متأثرا بجراحه، بعدما تلقى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *