بين_العزيزية_والطائعية

#بين_العزيزية_والطائعية .

في نهاية عقد التسعينات علي ما أذكر كنت طفلا يافعا في مدينة #كرو وأتذكر أنه ذات يوم مغبر جرا اقتراع انتخابي في المدينة، حينها كان الصراع في أوجه بين اللائحة الصفراء واللائحة الخضراء الممثلة للحزب الجمهوري الحاكم آنذاك.
ما زلت أتذكر أحاديث وتجاذبات تلك الصراعات التي كان الاهل والجيران يخوضون فيها كنت حينها لا أفهم في السياسة ولا أعرف من الاحزاب سوي “حزب لوحي”

ما زلت أتذكر حديث إحدي الاخوات وهي تحكي بأسلوب بطولي أن أحدي وجهاء المدينة كانت لديه آلة تصوير وكان يعطي ثلاث بطاقات هوية لكل فرد حتي يتمكن من التصويت في كل مكتب ما زلت أتذكر قول إحدي بنات الجيران أنها صوتت ثلاث مرات ولم يكلفها ذلك سوي تغيير الملابس .
كنت أنصت لأحاديث الكبار التي تدور حول صراعات السياسة في المدن الصغيرة والأرياف ،كانت أقرب إلي حد ما إلي الملاحم والحروب الأهلية شكلت انقسامات وانشقاقات وشروخ وجروح ما زال بعضها غائرا .

دار الزمن وبدأت أعي شيئا فشيئا ماهية تلك “السياسة” ومحركاتها ووقودها لأكتشف أن النخب التي كانت تقود تلك الحقبة المظلمة ماهي إلا بيادق وأزلام بيد المخزن كان يرسلها إلي تلك المدن والارياف الفقيرة والبائسة من أجل إذكاء الصراعات وشق صفوف العامة وتدويرهم في حلقة مفرغة من التيه والضياع ليعودوا بعد ذلك إلي قصورهم وبيوتهم في المركز من أجل استلام الغنائم والمكافآت وليذهب البسطاء ومدنهم إلي الجحيم ! لا حديث عن الوطن ولا عن المستقبل ولا عن حلحلة المشاكل العالقة ولا عن التنمية حتي كاد الوطن يلفظ أنفاسه.

بعد الانقلاب علي ولد الطائع واستلام حرسه السلطة ساد الكثير من الأمل والتفاؤل بوضع حد لتلك المسلكيات البائدة. ابتداء بمراجعة الدستور والخروج بتوافق وطني قل نظيره في تاريخ البلد. لم يخفي علي أحد أن العسكرة ظلوا يحكمون من وراء الستار حتي تمكنوا من تنصيب سيدي ولد الشيخ عبد الله وإن بطريقة ظاهرها ديمقراطي وباطنها تجييش المدنيين واستخدام وسائل الدولة من أجل إيصاله سدة الحكم .
فشل سيناريو إزاحة سيدي عن طريقة إرغامه علي الاستقالة ليأت الخلاص منه بانقلاب قاده حارس ولد الطائع المغمور لينافس نفسه في انتخابات كان هو الخصم والحكم فيها تمكن من إقناع البعض والعالم بشرعيته .
أدار البلد بطريقته الخاصة استعان بمافيات وسماسرة المال العام أثري واستثري واستأثر أنجز بعض الصعاب، وأدار ظهره لبعض الملفات ارتمي الكثير من طالبي الأموال والتعيينات و”عدالت الهم”في حضنه رغم خصخصته للنهب والصفقات.
الآن يكاد ينهي ما أحل له الدستور من حقبة في السلطة.
أربكته المعارضة ومقاطعتها لمهازله الانتخابية والجدلية ليصتدم بالمواد المحصنة في الدستور خصوصا المتعلقة بالمأمورية الثالثة ليتحرش بها عن طريق محاولة “إزاحة مبني مجلس الشيوخ من أمام القصر” ووضع خطوط حمراء علي زوايا العلم وإعادة صياغة النشيد الوطني ، تمر المحاولة بسلاسة عن طريق ظرفة النواب لتصدم بجدار غرفة الشيوخ ،
فاتته فرصة الاحتكام الي العقل وتسليم السلاح ومغادرة الحلبة بما خف وزنه وغلا ثمنه من أجل حجز مقعد في التاريخ وإراحة البلاد والعباد.
كابر مرة ثانية وقاد استفتاء أحادي استنفر من أجله العير والنفير وسارت بأمواله الركبان جند الموظفون والوزراء والمدراء والسماسرة والعساكر واستنفدت كافة وسائل الدولة من أجل انجاحة لينهار كل ذلك الحشد أمام جدران الفيسبوك الزرقاء وحملة #ماني_زارك وأنشطة بعض المناضلين الشرفاء.
ليضطر النظام إلي ممارسات الحقبة الطائيعية من شراء ذمم وتزوير وتأثير علي إرادة البسطاء .
حدث من أثق به كامل الثقة أنه بالامس كان شاهدا علي عمليات تزوير واسعة تمثلت في تصويت متعدد للشخص الواحد وتأثير علي إرادة الناس والإتيان بأبناء الأرياف والتصويت عنهم بنعم مما يشكل خروقات فاضحة للعملية الأحادية!
رغم نجاح إرادة النظام بالارقام المزورة يبقي للمعارضة النصر المعنوي والاخلاقي وموقفها المشرف الرافض للعودة لمسارات الطائعية البائدة
ومن هنا يبقي النظام العزيزي والنظام الطائعي وجهان لعملة واحدة يلتقيان في الكثير من القواسم المشتركة والتي من أبرزها :
وضع الوطن ومصاحله في أسفل سلم الأولويات
إدارة البلد بطريقة “مافيوية”
الاستناد علي الزعامات التقليدية من أطر ووجهاء وعشائر
محاولة الخلود في السلطة
التأثير علي المعارضين وتسفيههم
إظهار امتلاك البلد ومقدراته.
الخ….
فمتي يقذف اليم تابوت هذا الضياع ؟
نقلا عن صفحة المدون

Yahya alamine

 

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *