خالد الفاظل يبدع كعادته…

حشيش ناعم!
خطيب الجمعة دعا قائلا: ” اللهم أرزقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين “، يقال بأن هطول المطر في غير موعده مضر بصحة الأنعام والغطاء النباتي. لكنني مع ذلك قلت اللهم آمين، ربما قصد الإمام بالغيث: الرحمة، ونحن حقا بحاجة ماسة للرحمة. وربما كان يقصد السيولة، وأعتقد أن الناس بحاجة ماسة للسيولة، وربما بسبب تقلب مزاج الطقس خيل للإمام أننا نعيش في أواخر حزيران.
أذكر إماما كان يخطب فينا ذات زمن؛ كان يستنبت خطبه من أرشيف خطباء الدولة العباسية. بعضهم؛ ربما مازال يدعو للبوسنا!. حبذا لو كانت خطب الجمعة مرايا صقيلة يرى فيها الناس تفاصيل واقعهم، حتى لا تبتعد عقولهم عدة سنوات ضوئية عن روح الإسلام بسبب إعادة تدوير المواعظ المستوردة.
على العموم؛ مناخ العاصمة يتسم بالغموض مثل العملة الجديدة، التي تمنيت على خطيب الجمعة أن يحدثنا عنها قليلا، عن زكاتها بعد نزع الصفر، وعن حرمة الغش في تداولها، خاصة أن ضغط قيمتها ضغط أخيلة البسطاء من الناس وجعلهم يرتبكون عند تداولها.
بالمناسبة، العملة الجديدة عديمة الرائحة عند مقارنتها برائحة القديمة، شممتها هذا الصباح قبل تناول فطوري من الخبز البدين، لكنني لم استنشق أي عبير زكي يفوح منها، إنها عملة بلا حاسة شم، أظنها لن تحتفظ بالروائح المنبعثة من جيوب الناس عندما تعبرها برشاقة، كما أن رائحة هبوطها ستختفى بكل سهولة في روائح أرقامها المضغوطة بكل سلاسة..
بسبب الفضول سألت نفسي هل هي تتبلل بالماء؟
تحليت بشجاعة كبيرة وأخذت منها فئة 200 وذهبت بها نحو الحنفية وغسلتها، لكن تقاسيمها لم تتأثر، إنها نقود بلا إحساس، مادامت برودة الماء لم تجعلها ترتجف، فلا أظن أن دموع الفقراء ستبللها وتجعلها تتعاطف معهم.
على غرار العملة الجديدة يجب ضغط العاصمة أيضا لقد تمددت بشكل أفقي مقلق جدا بات يعيق مقاومة تضخم الجريمة فيها، إن تعاطي الحشيش أصبح منتشرا للأسف بين ” أجيال الأندرويد “. بسبب التسرب المدرسي وكذا التسرب الأسري والفساد السياسي، هناك أجيال تائهة تنمو بسرعة داخل المجتمع، وهناك قطيعة بستمولوجية بين الأجيال. الكبار في أبراجهم العالية يتعاطون حشيش المثالية الجوفاء، والأطفال يرقصون على حافة الأطباق اللاقطة لا يجدون من يحاورهم بعمق وحكمة..
رأيتهم على شاشة التلفاز؛ يحرقون كمية من المخدرات السائلة وذلك شيء جميل جدا، لكن؛ هناك أشياء أخرى آن الأوان لحرقها قبل أن تتفاقم عواقبها وهي:
– البطالة، فجل الشباب تفرقوا طرائق قددا في مناكب الأرض البعيدة بحثا عن خبز محشو بأشواك الغربة، وثلة أخرى قد وجدت في غبار الذهب رائحة أزكى من رائحة الانتظار، وثلة أخرى تقضم بنيات- حسنة، وسيئة-جدران السياسية حتى تجد لها منفذا داخل المشهد القاتم، بينما يتم توريث الوظائف المخملية تحت الطاولة..
– التسرب المدرسي، من قال اليوم بمجانية التعليم فهو شخص حالم للغاية. وعليه أن يعود لنتائج الباكلوريا في 2017، كي يقارن بين نسب نجاح النظامي(المجاني)، والخاص(التجاري) مع تدهور الإثنين، لقد أصبح التعليم العمومي مجرد وكر لتبييض أحلام الطبقات الهشة، إلا ما رحم ربك طبعا..
– التسرب الأسري، بسبب بقايا المورث المجتمعي من المروءة وهو أرث (محمود)، هنالك تساهل مع التسرب الأسري قد شجع على تكاثر الأسر العشوائية، لكن ذلك ليس بمقدوره دوما التغطية على تسرب الأباء، إن تربية الأبناء ربما تكون أصعب بكثير من بناء الأوطان..
– الفساد السياسي، الداخل في حلبة المشهد السياسي يدرك بجلاء مدى توغل الأنانية، طبعا لست أدعو للمثالية في السياسية فهي تحتاج الحنكة والمكر لكن ممارستها دون وازع أخلاقي وهدف نبيل يجعلها قذرة للغاية..
في الأخير، عندما تتعاطى النخبة السائدة حشيش الكذب والنفاق، فلا غرابة أن يتعاطى المراهقون وكذا الشباب حشيشا من نوع ” القنب الهندي ” أو يستنشقون روائح غراء الأحذية والبنزين. طبعا الأمور ليست بذلك السواد القاتم، لكن يجب دق ناقوس الخطر. فهناك دائما أمل..
وصناعة الأمل تحتاج دائما للصدق والمصالحة، وأحترام بعضنا البعض رغم الاختلاف..
هنا نواكشوط الشمالي(داخل التكسي). ونسيت التحدث عن ” التسرب الوظيفي “، الصورة منقولة. الساعة 12:27 وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. 

 

نقلا عن صفحة المدون خالد الفاظل

شاهد أيضاً

قائمة التعينات في مجلس الوزراء اليوم

قائمة التعينات في مجلس الوزراء اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *