جائزة شيخ القراء معالم النجاح ورهانات المستقبل الشيخ أبراهيم آگيه

منذ أكثر من سنتين تقريبا أثمرت نقاشات قامت بها نخبة من الشباب المثقف عن ظهور مشروع ثقافي مهم يتعلق بتنظيم جائزة للقرآن الكريم تكون بمثابة ملتقي سنوي لأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته لم تكن حينها معالم المشروع واضحة تماما أمامهم لعدم حصول تجارب مماثلة في الساحة الوطنية باستناء مشروع الجائزة الكبري التي تنظمها الإذاعة والتي لم يكن لدي اصحاب فكرة جائزة شيخ القراء أي تواصل مع منظميها للوقوف علي كيفية تنظيم مثل هذه المسابقات وبما أن لكل مشروع ثقافي تحديات تصاحب ميلاده ووضع تصور لتنفيذه فإن مشروع جائزة شيخ القراء لم يخلومن تلك التحديات فكانت تسمية الجائزة أولي خطوات وضع التصور واستدعي ذلك طبعا الرجوع الي تاريخ مجال الجائزة وهو القرآن الكريم وعلومه وتاريخ تطور تلك العلوم وأظن الشباب قدوفقوا الي حد كبير في اختيار الاسم بحيث أعطو للمشروع بعدا وطنيا وربطوه بخط تاريخ تطور علوم القرآن في المنطقة فأتت تسمية الجائزة باسم جائزة شيخ القراء سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي لحفظ القرآن وتجويده لتلبي بدقة وصدق البعد المرتبط بمطابقة الاسم مع تاريخ بداية تطور تدريس القرآن وعلومه في هذه الربوع حيث أن شخصية سيدي عبد الله التنواجيوي هي الشخصية التي ارتبطت بها أسانيد القرآن ورجعت اليها إجازات القراء واحتفظت ذاكرة التاريخ بجهود هذا العلامة وتلامذته في تصحيح ألسنة القراء ونشر علم القراءات وتأسيس المحاظر القرآنية الأولي التي تعطي سند القراءات كما هو متداول الآن في المحاظر
كانت تلك الخطوة اولي خطوات النجاح التي خطتها هذه الجائزة وما إن أفرج عن نتائج تصفيات الدورين الأول والثاني حتي خطت الجائزة خطوتها الثانية في سجل نجاحاتها عشر قراء تم اختيارهم من ضمن مائة وواحد وثلاثون مشاركا من أصل مائةوسبعة وستين مسجلا وأثبتت دقة الفرز وبرنامج التنقيط ومعايير التحكيم عن خبرة عالية لدي لجنة تحكيم هذه الجائزة فكان التحكيم هو رهان النجاح الثاني الذي تحقق بحمد الله وحسن عونه واثبت أن المشروع تمكن من العثور علي فرسان إنجاح مساره
وأتت النسخة الثانيه بعد ماتحقق في الأولي فكانت فرصة جديدة لتطوير المحتوي والاستفادة من تجربة النسخة الاولي علي مستوي التنظيم فتقرر بموجب ذلك تحويل حفل الإفتتاح إلي ندوة علمية تناولت حياة الشيخ وآثاره العلمية وسلطت الضوء علي مكانته الثقافية والتحول الثقافي الذي قاده في المنطقة
كانت خبرة المنظمين قدتطورت في هذه النسخة وهو ما انعكس علي مستوي تنظيمها ونوع وكيفية إخراجها علي نحو يليق بمستوي المشروع ونحو يليق بعرض المضمون ووثقت كل لحظة في تلك النسخة ابتداء من ندوة الافتتاح مرورا بقراءات المشاركين النموذجية وانتهاء بوقائع حفل الاختتام
اتت النسخة الثالثة وارتفع سقف ما ينتظره المتابعون والمهتمون بالجائزة حول محتواها الثقافي ومستوي إخراج ذلك المحتوي فتقرر تلبية لذلك تنظيم ندوة علمية كبري تتطرق الي أبعاد علمية جديدة ومواضيع أكثر شمولا واكثر غوصا في ماضي وحاضر القرآن وعلومه في هذه البلاد فتم وضع تصور ندوة شملت اضافة الي الكلمات الرسمية للمشرفين علي المشروع وتنفيذه محاضرات في التاريخ الثقافي للبلاد والمرتبط بتاريخ علوم القرآن وأعلام القراء كما تم إلقاء محاضرات في علوم القرآن من قبل متخصصين في المجال كانت أسماء المحاضرين توضح بجلاء أن المشروع عبر عن طموحات جمهوره من النخبة الثقافية في البلد كما لبي مطمح المتابعين له حيث القيت المحاضرات من قبل كبار المختصين في التاريخ الثقافي وفي علوم القرآن في البلد وحملت الكلمات الرسمية للقائمين علي المشروع وللجهات الرسمية أرقاما ومعطيات وتصورات هامة عن هذا المشروع وعن مدي اصرار القائمين عليه في المواصلة قدما في تطوره حتي يبلغ المستوي المطلوب
لقد شكل هذا البعد الثقافي الذي ظل حاضرا في كل نسخة وحول أيام تنظيم الجائزة إلي موسم ثقافي حقيقي وكذلك التغطية الإعلامية التي حظيت بها الجائزة في دوراتها الثلاث من قبل القنوات الوطنية وبعض المواقع الألكترونية عوامل نجاح أخري قربت جائزة شيخ القراء من جمهور أهل القرآن ومن المتابعين للساحة الثقافية في البلد كماشكل هذا الحضور الاعلامي للجائزة نافذة إنفتاح لها علي كل مهتم بقضايا القراء والقراءات وبواقع المسابقات القرآنية في الوطن
من مؤشرات النجاح أيضا تزايد الاهتمام بهذه الجائزة من قبل القراء أنفسهم حيث ظل عدد المشاركين فيها في تزايد فمن 167مشاركا في النسخة الأولي إلي 205في النسخة الثانية وصولا الي 295 في النسخة الثالثة وقد حرص بعض المشاركين علي المشاركة في جميع نسخ الجائزة وبرهنت التصفيات علي تحسن أداء بعضهم وتمكن البعض منهم من حصد إحدي الجوائز الثلاث الكبري بعد عدة محاولات ممايعني تحسنا في الحفظ والأداء حصل لديهم وكانت جائزة شيخ القراء حافزا قويا عليه
كما ان بعض الفائزين فيها حصدوا مراكز متقدمة في مسابقات قرآنية وطنية وإقليمية ودولية فكانت هي بمثابة تدريب لهم وأستفادوا من تجاربهم معها في خوض غمار تلك المسابقات
من مؤشرات النجاح والتطور نحو الأفضل أيضا أنها تخطو خطوات حثيثة نحو إخراج أول إصدار لها يحتوي علي مواضيع الندوة العلمية التي أقيمت بمناسبة حفل إفتتاح النسخة الثالثة وهي في مجملها مواضيع مهمة تتعلق بالقرآن وعلومه وتاريخ الثقافة ونماذج من عطاء وتراث مشايخ القرآن عبر الأجيال المختلفة وهو أمر بلا شك سيضيف لبنة مهمة في إطار التأسيس لدراسات مستقبلية أكثر عمقا ورصانة وتتأكد أهمية هذه الخطوة إذا علمنا أن هذا المجال أي مجال تاريخ القراءات وعلوم القرآن ومشايخ الإقراء في المنطقة ظل مجالا مهملا من قبل الباحثين رغم حصول إستثناءات قليلة يمثلها كتاب: “تاريخ القراءات في المشرق والمغرب” لمؤلفه محمد المختار بن أباه وكتاب”السند القرآني دراسة وتأصيل السند الشنقيطي نموذجا” لمؤلفه سيدي محمد بن عبد الله
ومن علامات النجاح أيضا أنها إستطاعت أن تصنع إهتماما متزايدا في مجال تنظيم المسابقات القرآنية علي نمط تنظيمها ومنهجها كما استطاعت في نفس الوقت لفت اهتمام الباحثين وشد انتباههم إلي تاريخ القراءات والقراء وعلوم القرآن
وبطبيعة الحال فإن مشروعا كهذا يتطلب نجاحه إمكانات مادية وطواقم بشرية ذات خبرة قادرة علي تنفيذه وهنا لابد أن نشيد بالرعاة الأساسيين الذين تكفلوا بتقديم الجوائز في النسخ الثلاث كما نثمن جهود شباب جمعية ربط الجسور الخيرية علي تضحيتهم بالجهد والوقت والمال في سبيل إنجاز هذا المشروع الذي أظهر أن دور الشباب ونخبة البلد ومثقفيه وجمعياته يشكل دورا محوريا لايمكن للساحة الثقافية أن تستغني عنه وأنه دور مكمل لجهود الدولة وقطاعات الثقافة الرسمية فيها، كما أننا لايمكن أن ننسي تثمين الدور الذي لعبه داعمي الجائزة من غير أعضاء الجمعية ومن غير منتسبيها في توفير مامكن من تغطية بعض التكاليف التي إحتاجها تنفيذ المشروع في نسخه الثلاث
الدور المعنوي لوزارة الشؤون الإسلامية والمتمثل في حرصها المستمر علي حضور الفعاليات ومباركتها الدائمة لأنشطة الجائزة والإشادة بها يستحق التقدير والتثمين هو الآخر
أما فيمايتعلق بالرهانات فإنها مرتبطة بما تحقق من نجاحات وإنجازات وأهم مايمكن المراهنة عليه مع توفيق الله سبحانه وتعالي في استمرار هذا المشروع ومواصلة مسار تطوره هو الخبرة التي أصبح القائمون علي تنفيذه يتمتعون بها في مجال تنظيم المسابقات والأنشطة الثقافية المرتبطة بها وهي خبرة تراكمت لديهم من خلال تجربة هذه الجائزة في نسخها الثلاث كما أن تسلحهم بالإيمان التام بها وبفكرة إنشائها وأهميتها جعل الحرص عليها يبقي ممكنا ومتاحا وهنا ؤأكد أننا بعد تجارب النسخ الثلاث لم نعد بحاجة إلي المزيد من التمرن والتخطيط والتوعية بأهمية المشروع ،ما نحن بحاجة إليه هو التحلي بروح المسؤولية اتجاه المواصلة في خط التطور إن أمكن أوالمحافظة علي مستوي ماتحقق علي الأقل بقي لي أن أشير في الأخير إلي أن خط سير المواصلة في جمع الإجازات والمخطوطات المرتبطة بالقرآن وعلومه والتواصل مع الباحثين في المجال هو ماسيوفر في المستقبل مصدرا أساسيا لتطور البحوث العلمية في المجال وسيجعل من الجائزة مشروعا ثقافيا وعلميا استوعب أصحابه رسالة مشايخ الإقراء وشيخهم الذي سميت الجائزة باسمه حيث أن مثل هذا النشاط سيعيد واقع الإقراء والقراءات إلي سابق عهده تمنياتي للجميع بالتوفيق وللجائزة بالاستمرار والتطور نحو الأفضل

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *