للعقلاء فقط/ محمد فال ولد بلال ( تدوينة)


لا شك في أنّنا كمجتمع نحتاجُ إلى شيء من الاعتدال والوسطيّة في الخطاب و الحكم على الأشياء، نحتاجُ إلى الموضوعية و التوازن حتّى لا تبقى الأمور فينا محكومة بثنائية إطلاقية غريبة: إما أن تكون فائقة في الجمال و الكمال، و إما أن تكون غاية في الرّداءة و الابتذال…وكذا الشخص في تصورنا: إمّا أن يكون بطلا و زعيما، و إمّا أنْ يكون خائنا.. لا منزلة وسط بين المنزلتين! وبهذا المنطق المختل نجدُ أنفسنا دائما في إحدى حالتين: إمّا حالة “تمجيد”، و إمّا حالة “جلد”!؟ و بالتالي، منقسمين ما بين “ممجّد” و “جلاّد”! و هذه مصيبة حقيقية!
مُصيبة تشيرُ إلى ثقافة المبالغة في القول السائدة في مجتمع بدوي يقدس فن الكلام و البلاغة و الأدب على حساب الدقّة و العلم…و لذلك، من الصعب جدا أنْ نسمع خطابا أو جملة في أي مجال من المجالات تخلو من: “مائة بالمائة”، “مائتين بالمائة”، “إلى أقصى حد”، “لأول مرّة”، “غير مسبوق”، “مطلقا”، “نهائيا”، “إلى الأبد”، “النيّر”، “المستنير”، “الفاشل”، “العاجز”، “الطامع”، إلخ…
و في الواقع، ما هذا كله إلاّ مظهر من مظاهر الأزمة الفكرية العميقة التي نتخبّطُ فيها بسبب اعتيادنا كسائر المجتمعات العربية على أسلوبين خاطئين هما: “تضخيم الكلام” من جهة، و “الركون إلى اليقين” من جهة أخرى على حدّ تعبير أحد الكتاب..تضخيم الكلام يكون بالمبالغة و التهويل بهدف الإثارة و شدّ الاهتمام. و أمّا الركون إلى اليقين، فيكون بتقديم تلك الجمل التقريرية الحادّة و الأحكام القطعية الصارمة المعروفة بهدف التأثير و التأكيد على “الجدية” و “الصدق”…
و لكن، يبقى الأكثر إقناعًا و الأفضل من هذا و ذاك…هو نهج الاعتدال و التوازن و الوسطية و احترام عقول الناس و “نسبيّة” الأشياء…
و الله ولي التوفيق

شاهد أيضاً

تعيين الإطار أحمد ولد الدو ولد الشيخ مديرا مساعدا بوزارة الوظيفة العمومية

تعيين الإطار أحمد ولد الدو ولد الشيخ مديرا مساعدا بوزارة الوظيفة العمومية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *