مقال في فعل الرئيس الموريتاني/ محمد لمين خطاري

media-images-IMG_0001-184x200

لايزال الرئيس الموريتاني يواصل خاصية حرق المسافات بينه وبين معارضيه، ناصحين كانو او ناطحين، فالرئيس يخطو بخطوات متسارعة تكاد تجعل من قضية مجاراته في رد الفعل المعارض مسألة عصية.
فديناميكة الرجل وقراراته أحدثت حاله من الإرباك في مشهد المعارضه الموريتانيه الستاتيكيه التقليدية التي اعتادت دبلوماسية “جبديات” وطبخ الأمور علي نار هادئة واتخاذ قرارت يستعصي فهم خلفياتها في الغالب علي المواطن البسيط.
إرباك المعارضة الذي انعكس علي وحدة القرار في المنسقية التي شارك بعض أحزابها في الانتخابات، واعرض البعض، وحاور بعضها، وناور البعض.. وتشتت البعض بين دعاة الرحيل ومنظري الموالاة، كل ذالك لم يأتي من فراغ وليس وليدة الصدفة الصرفه، فقد تمكن الرئيس الموريتاني إبان ترشحه للانتخاب الماضية 2009 من انتزاع ورقة الانحياز للفقراء وهي الورقة الأكثر ربحا في خطابات المعارضة وسعيها لتوجية خيارات الناخبين تحت يافطة خدمة الفقراء والوقوف الي جانب المظلومين.
جاء ذالك بعد اختطاف الرئيس ورقة الشرعية بعد الانقلاب او التصحيح كما سماه -زعيم المعارضة آنذاك- السيد احمد ولد داده فقاد جميع المعارضين الي تفاهمات داكار التي أسفرت عن الانتخابات التي فاز فيها الرئيس في الشوط الاول..
أربك الرئيس معارضيه بحربه علي ما أسماه الفساد وقام بتجفيف منابع تجارية لرجال أعمال ليسوا في الحقيقة سوي الوجه الخفي للكثير من الاحزاب الموريتانية..
أربك الرئيس المعارضة حين راهنت علي خياره الدخول في حرب عمياء ضد الإرهاب في شمال مالي، وأقامت الدنيا ولم تقعدها حول ما اسمته الحرب بالنيابة، لكن الرئيس اكتفي بتكريس وجود الجيش علي الحدود الموريتانية ما أسهم في تحجيم خطر الإرهاب وابعاد موريتانيا عن صراع الساحل..
راهنت المعارضه علي خيار الرحيل وثورات الربيع العربي وانتقلت تسعين درجة من معارضة كانت -بالأمس القريب- تلتقي مع الرئيس وتحاوره الي معارضة راديكالية مقاطعة تسعي الي اجتثاث النظام بسيل من الشعارات واستنساخ سيناريوهات ربيع العرب، لكن رد الرئيس على المعارضة كان جاهزا مرة اخري من خلال تجاوز خطاب المعارضة الجديد بتوسيع دائرة مشاركة الشباب وتجديد النخبة السياسة بالتزامن مع إرساله خراطيم المياه لإغراق اعتصام معارضة الرحيل التي تبخرت مع اولي قطرات مياه رجال الحماية المدنية الموريتانية..
فشل سناريو الربيع العربي قاد المعارضة الي سناريو “ربيع افراكفوني” استندت خلاله علي تصريحات النائب الفرنسي مامير حول ضلوع الرئيس في بيع المخدرات والعلاقات مع رجالاتها، دبجت المعارضة الخطب وأعلنت النفير ضد من اسمته إمبراطور تجارة المخدرات في الساحل، بل اتجهت بعض الصحف المحسوب علي تيار سياسي معروف للحديث عن احتمال صدور مذكرة توقيف أمريكية ضد الرئيس الموريتاني بتهمة المتاجرة بالمخدرات ليأتي إعلان النائب مامير عن آسفه لرئيس الموريتاني -وفي صحيفة اقلام الموريتانية التي اتصل عليها النائب الفرنسي ليعلن اعتذاره- ليعيد نفس مشهد الإرباك الي معارضة لاتزال في حيص بيض بعد اصطدامها برئيس مختلف يناور ويحاور بأسلحة غير تقليدية ولم يسبق لمعارضة موريتانيا التعامل معها من قبل، معارضة كان سلاحها الاول ابان حقبة الرئيس معاوية ولد الطايع الظهور في الشارع واستغلال غياب خطاب الرئيس الذي لم يكن يظهر سوي في خطابات الحفلات الكرنفالية او في مناسبات الأعياد لتجد نفسها أمام رئيس يتحدث بشكل مستمر ويظهر مع الشباب ومع الشعب ومع الصحافة.. رئيس -بغض النظر عن تصديق او تكذيب مايقول- حاضر علي الأقل ويتحدث ويجيب حتي عن أخص خصوصياته (حسابه البنكي في سوسيتيه جنرال).
فشل المعارضة لا يعني ان النظام الموريتاني الحالي بقيادة محمد ولد عبد العزيز قد نجح في كل شئ.. فالرئيس امام تحديات كبيرة داخلية وإقليمية ودولية تحتاج عدم التسرع في اتخاذ القرارات والتخلص من ردود الفعل الانفعالية ذات الطابع الفردي، يحتاج الرئيس الي ترسيخ مفهوم الدول التي تحتضن الجميع.. معارضين وموالين.
يحتاج الرئيس لتوسيع دائرة المشاركه والتشاور، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقرارات مصيريه تمس عن قرب وحدة وتماسك الشعب الموريتاني وعلاقاته مع جيرانه، ففشل المعارضة وارباكها علي أبواب انتخابات رئاسية لايعني النجاح بقدرما يعني ان هناك خللا ما في المشهد السياسي الموريتاني يستدعي الإصلاح وإعادة النظر.
صحفي موريتاني مقيم باسبانيا

شاهد أيضاً

جئتك يا كويت معزياً / محمد الأمين الفاضل

جئتك يا كويت معزيا، جئتك وقد عرفتك صاحبة المواقف الرائدة والمبدئية اتجاه فلسطين، والتي تعيش …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *