التطبيع …… جريمة أنظمة ترفضها الشعوب العربية

 

تستطيع أن تقود الحصان إلى الماء، لكن لا تستطيع أن تجبره أن يشرب”، استدراج النظام المغربي لفخ التطبيع مع “إسرائيل” مقابل الاعتراف بسيادته فوق الصحراء الغربية لن يزيد الشعب المغربي سوى عطشاً لحريّة القدس وفلسطين.

على غير استئذان استدعت إدارة “ترمب” حنين المغاربة لعدالة قضية فلسطين ورفض احتلالها والمرور مجدداً من “باب المغاربة” في القدس الذي حمل اسمهم لمئات السنين.

فلسطين أمانة والتطبيع خيانة

إعلان إدارة “ترمب” قبل أيام عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين “إسرائيل” والمغرب، وهي الإدارة التي تحزم أمتعتها استعداداً للرحيل من البيت الأبيض ردّ عليه الشعب المغربي وأجسامه السياسية والمدنية بمسيرات مليونية حملت شعار “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”.

انضمام النظام المغربي في المقعد الرابع لقاطرة التطبيع بعد كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين السودان أثبت مجدداً رفض شعبها كبقية الشعوب العربية والإسلامية قبول “إسرائيل” كعضو طبيعي في جسد المنطقة العربية.

رفض بالإجماع

ما تتحدث به الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب المغربي تصدّقه استطلاعات الرأي المستمرة منذ سنوات مضت حتى اليوم، والتي أعدتها مراكز ومؤسسات محلية وأجنبية أجمعت كافّة على رفض الشعوب للتطبيع مع “إسرائيل”.

ويؤكد وليد عبد الحي، الخبير في الدراسات المستقبلية والعلاقات الدولية، أن المؤسسات البحثية المتنوعة أجرت عشرات استطلاعات الرأي العام عن التطبيع مع “إسرائيل” في الدول العربية باستثناء دول القرن الأفريقي بين عامي (2010-2020م) وعلى رأسها 3 مؤسسات أمريكية ومؤسسة بريطانية، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، ومؤسسة عربية هي المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (الدوحة).

وليد عبد الحي

وأظهرت نتائج الاستطلاعات التي تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام”، اتفاق كل هذه المؤسسات عبر عشرات الاستطلاعات خلال العقد من 2010 -2020 (بما فيها نتائج استطلاع وزارة الخارجية الإسرائيلية (عام 2018) والتي لم تكشف في تقريرها كيفية إجراء الاستطلاع) أن الغالبية في جميع الدول العربية دون استثناء ” تعارض بشدة التطبيع مع إسرائيل”.

وجاءت معدلات النسب المئوية لكل هذه المؤسسات بالنتائج التالية لنسبة رفض التطبيع بقوة:” الأردن: 91% الإمارات: 73% تونس: 80% الجزائر : 86% موريتانيا: 89% الكويت: 87% لبنان: 88% العراق: 79% السعودية: 81% المغرب: 77% ليبيا (حتى عام 2012) 82% مصر: 89% عمان: 85% قطر: 79% سوريا (حتى 2013) : 90% السودان: 71% اليمن (حتى 2015) 94%”.

 

هل من مبارز؟

ويضيف الخبير عبد الحي: “بناء على ما سبق، أتحدى أي زعيم عربي أن يجري استطلاعا للرأي لمعرفة موقف شعبه من التطبيع، على شرط أن يتم الاستطلاع تحت إشراف من جهات حكومية وشعبية ومنظمات دولية غير حكومية منعا للتزوير…لن يقبل أي حاكم بذلك وأنا أتحدى…وسأكون أول الموافقين على النتائج مهما كانت…فهل من مبارز؟”.

ويدعو الخبير عبد الحي كل من يروج لليوتيوب أو الفيديو الذي يتضمن أشخاصا أو أفلاما أو سخرية تؤيد التطبيع، أن لا ينشرها أو يرسلها للآخرين، لأنها تؤدي للشحن المتبادل بين الشعوب العربية التي ثبت بوجه قاطع أنها ضد التطبيع.

ورغم توقيع اتفاقيات السلام وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بدأ عام 1978م باتفاقية “كامب ديفيد” بين “إسرائيل” ومصر ولاحقاً اتفاقية وادي عربا مع الأردن، إلا أن الشعوب العربية ظلت أعناقها ممتدة نحو القدس وفلسطين رفضاً لوجود الاحتلال.

إجماع شعبي ضد التطبيع

ويؤكد رئيس هيئة مواجهة التطبيع المغربية، أحمد ويحمان، أن الشعب المغربي بجميع مكوناته ومشاربه الفكرية والسياسية ضد التطبيع، وعبر عن ذلك في مسيرات مليونية برفع شعار “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”.

وشدد في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، على أن القضية الفلسطينية هي قضية وطنية بالنسبة لكل الشعب المغربي، لافتاً إلى أنه كما صمدت الشعوب التي طبّع مسئولوها منذ عقود، فإن الشعب المغربي لديه مناعة ضد أي تسلل واختراق صهيوني رغم كثرة التسللات والاختراقات.

وتابع: “إن المغرب واجه ضغوطا كبيرة من أجل التطبيع منذ تولي دونالد ترمب للإدارة الأمريكية، وكان التخطيط أن يبدأ سوق التطبيع من المغرب، وليس من الإمارات.

مواقف شعبية

وفي مشاهد مماثلة لحالة الرفض الطازجة بالمغرب للتطبيع مع “إسرائيل” شهدت عواصم “السودان والبحرين والإمارات” سلسلة فعاليات لمؤسسات وشخصيات وجماهير رافضة للتطبيع الذي حمل اسم أنظمتها ولم يحمل قناعة ومشاعر شعوبها.

ويقول المنشد المغربي رشيد غلام، إن انضمام حكومة بلاده للتطبيع مع الكيان الصهيوني، مرفوض من جموع الشعب المغربي ويعدّ خيانة عظمى.

ويضيف في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: إنّ مسألة رفض التطبيع من الشعوب العربية عامة، والشعب المغربي خاصة مسألة لا غرابة فيها، فالناس تعبر عنها في كل مناسبة، وتعبر عن حبها لفلسطين والمسجد الأقصى، مبيناً أنّ الشعب المغربي يقدس مكانة فلسطين والأقصى كقداسته لمكة والمدينة.

الفنان رشيد غلام

وأصدرت هيئات وتجمعات مغاربة متعددة عدة مواقف وبيانات صحفية رافضة للتطبيع بين بلادها و”إسرائيل” معلنةً موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية.

وأعلنت التجمعات المغربية موقفها في بيان قبل يومين، إدانتها القوية للمبادرة التطبيعية للدولة المغربية مع الكيان الصهيوني، “التي تزج ببلادنا في مستنقع خيانة القضية الفلسطينية ودماء شهداء شعبنا؛ هذا اليوم يوم أسود يضاف إلى تاريخ النظام المخزني التطبيعي الطويل بعد إعلانه عن الشروع في تطبيع شامل لعلاقاته مع الكيان الصهيوني.

وأضاف البيان: “التطبيع يتنافى مع موقف الشعب المغربي وقواه الحية، ويشجع على استباحة الدم الفلسطيني، وينتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ونؤكد تضامننا مع الكفاح التحرري للشعب الفلسطيني بكل فصائله المقاومة”.

القدس مقابل الصحراء

لا تؤكل الكتف المغربية من نافذة الصحراء الغربية، فتحريك إحدى القطع الحساسة فوق رقعة السياسة الداخلية المغربية، لن يجبر المغاربة كما المصريين والأردنيين وبقية العرب من قبل على قبول “إسرائيل” جزءًا طبيعياً واسم فلسطين لا يغادر الذاكرة.

وثمّة سؤال للأنظمة العربية المطبّعة مع “إسرائيل” إذا كانت “إسرائيل” تستفيد من دمجها في المنطقة العربية بعد أن بقيت ولا تزال جسماً غريباً أقام كياناً فوق أرض فلسطين على صعيد السياسة والأمن والاقتصاد، فماذا تستفيد الأنظمة العربية المطبعة من “إسرائيل”؟.

 

ربط أزمة المغرب مع ملف الصحراء الغربية، يرى فيه رئيس هيئة مواجهة التطبيع المغربية، أحمد ويحمان، سقوطا للموقف الرسمي المغربي الذي صمد للضغوط على مدى سنين لكنه سقط في ربع الساعة الأخير من إدارة ترمب.

ويتابع: “لا يستفيد المغرب شيئا، بل يخسر كل شيء، التطبيع مسيء للقضية أكثر مما يخدمها، الشعب المغربي مقتنع بوحدته الترابية، وهو الذي حرر الصحراء، وتضحياته هي التي نمت مناطق الصحراء وتحميها، ولا يحتاج المغاربة لتزكية من الصهاينة والأمريكان لتأكيد مغربية صحرائه”.

ولم تنجح “إسرائيل” وحليفتها الدائمة الولايات المتحدة الأمريكية طوال 72 عاماً من نكبة فلسطين في تشريع وجود الاحتلال الذي اغتصب أرض ومقدسات فلسطين وظلت أفئدة الشعوب العربية والإسلامية تهوي حنيناً إلى القدس حرّةً عربية.

المعادلة المرفوضة

ويصف الناشط المغربي على بادي التطبيع المغربي الآن بأنه معادلة “القدس مقابل الصحراء” معيداً للذاكرة معادلة “النفط مقابل الغذاء” التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العراق إبان حصاره في تسعينيات القرن الماضي قبل احتلاله عام 2003م.

ويضيف في مقالة أرسلها لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “اليوم بشكل مستنسخ تشرف الولايات المتحدة الأمريكية على مأساة أخرى، تتعلق بتصفية القضية الفلسطينية من خلال زيادة وتوسيع حجم التطبيع العربي الرسمي دون تحقيق الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها قضية القدس”.

ويتابع “المغرب الذي يبدأ اليوم صفحة ومأساة جديدة مع الصهاينة بالتطبيع الكامل، هو نفسه الدولة المسلمة التي تترأس لجنة القدس بمنظمة المؤتمر الإسلامي سابقا ومنظمة التعاون الإسلامي حالياً، منذ أكثر من أربعة عقود، والتي أنشئت للحفاظ على القدس، القرار تم بإشراف ترمب ويعني التفريط في القدس. فما هو المقابل؟!.

ويواجه المغرب من أربعة عقود مشكلا في الجزء الجنوبي في الصحراء المتنازع عليها مع جبهة “البوليساريو” وقد كلف النزاع المغرب الكثير اقتصادياً وسياسياً وأصبح أهم أدوات ابتزاز المغرب السياسية والاقتصادية.

وكانت الإمارات افتتحت قنصلية لها قبل شهرين في مدينة العيون كبرى حواضر الصحراء برضى أمريكي وإسرائيلي في خطوة عدها مراقبون تمهيدًا لمساومة المغرب في ملف الصحراء الغربية.

ويدعو المنشد المغربي رشيد غلام حكومته قائلاً: “الأنظمة الظالمة التي تربط مكوثها واستبدادها على الكراسي بتطبيعها مع الكيان الصهيوني، وتحتمي بعباءة أمريكا وإسرائيل كي تظل مستبدة ، بيننا وبينهم الله ثم التاريخ، ونرجو من الله أن يستفز همم الشعوب العربية لأن تقتلع هذه الأنظمة الظالمة”.

وتحاول إدارة ترمب في أيامها الأخيرة اللعب على تناقضات المشهد السياسي في عدد من الدول العربية لجرّها إلى مربع التطبيع مع “إسرائيل” ملوّحةً بعدة خيارات تؤدي لحدوث اضطرابات في دولها تارةً ومهددة زوراً بهيمنة دول إقليمية على مستقبلها تارةً أخرى.

 

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …