من هو المؤرخ الفرنسي (poul mrty ) أحد أهم مصادر التاريخ الموريتاني الحديث

 

لم يعش بول مارتي أكثر من 56 سنة بدايتها في الجزائر حيث ولد ونشأ ثم عاش بعض حياته في المغرب، وجزءٌ هامٌّ منها قضاه بين موريتانيا والسنغال وخاتمة حياته كانت بتونس حيث أودى بمستشفى لويس فايان (Louis-Vaillant) العسكري بتونس في 11 مارس 1938. ومع قصر هذه المدة وكثرة ما دار فيها من تنقلات إلا أن ما كتبه مارتي عن موريتانيا وحدها، لو قيس بما قضاه من حياته فيها، لكان شيئا لافتا للنظر.

حيث كتب المقالات الطويلة والكتب المتشعبة الضخمة عن بلادنا وكل ذلك في حيز زماني وجيز.

كتب بول مارتي، المولود ببلدية “بوفاريكْ” بولاية البليدة بالجزائر، الكثير الكثير عن موريتانيا شرقها وغربها، جنوبها وشمالها، طوى بلادنا طيا ونفضها نفضا وسافر في أرجائها أسفارا بحثا وتنقيبا واستطلاعا. وقد مهدت له الإدارة الاستعمارية في عمله البحثي تمهيدا، واستوصت به جميع الأعيان عربا وزوايا، فالتقى بالشيوخ والأشياخ وقرأ الكنانيش والحوليات وحاور الأعيان وسأل الرواة مستفسرا عن كل صغيرة وكبيرة.

لا غرو أن تأتي الروايات الشفوية على رأس مصادر بول مارتي أثناء كتابته تاريخ بلادنا، فقد سجل روايات كثيرة من هنا وهناك. كما وضع يده على ما هو متاح في بداية القرن العشرين من وثائق مكتوبة عن أخبار موريتانيا فجمع إلى شجرات الأنساب الحوليات الولاتية والنعماوية فضلا عن أنظام التاريخ المتداولة في منطقة الترارزة.

كانت كتب التاريخ المؤلفة عن منطقة الساحل وخصوصا منطقة أزواد من مصادر بول مارتي كذلك، فكثيرا ما نجده يحيل على تاريخ السودان للساعدي وعلى تاريخ الفتاش أو على تذكرة النسيان وهي ثلاثة كتب كان رجل الديانة المسيحية أوكتاف هوداس (Octave Houdas) قد طبعها ما بين سنتي 1898 و1900، وكلها نصوص ألفت عن منطقة أزواد وتحدثت عن تاريخها.

حاول مارتي فهم المجتمع الموريتاني وتاريخه من خلال كتابات الناصري في كتابه الاستقصا ومن خلال مقدمة ابن خلدون فقد كان هذان المصدران حاضرين في كتاباته فضلا عن رحلة ابن بطوطة والطرائف والتلائد للشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيدي المختار الكنتي وغير ذلك…

جمع بول في مارتي في كتبه ومقالاته عن موريتانيا التي تنيف على العشرين مادة غزيرة كلما بدأت في قراءتها شدك أسلوبه في البحث والتحري واستكشاف المجهول إلى أن تتابع كتابه أو مقاله حتى نهايته.

كَتَبَ بول مارتي ما كتبُه خدمة للإدارة الفرنسية المستعمرة؛ فزود الولاة ورؤساء المراكز والإدارة عموما في سينلوي “اندر” وفي غيرها بما يحتاجونه من معلومات تفصيلية عن هذا الشخص رئيسا كان أو مرؤوسا غنيا أو فقيرا، وعن تلك القبيلة عددها وأهميتها، أو تلك العشيرة مكانتها وتأثيرها، وعن تلك المنطقة ماءها ومرعاها، أو تلك الطريقة الصوفية أشياخَها ومريديها. ولذلك تجد هؤلاء الإداريين يستشهدون به في محاضرهم وفي الملفات الاستخبارية التي كانوا يحررونها لجميع الأعيان من شيوخ وغيرهم. وسوف أخصص مقالة قادمة إن شاء الله تعالى لتلك الملفات الاستخبارية فلدي نسخ من الكثير منها.

أعانت كتابات بول مارتي التاريخية والاجتماعية الإدارة الاستعمارية الفرنسية في فهم الناس وفي التعامل معهم وفي تصنيفهم وفي معرفة انتماءاتهم وتوجهاتهم وغير ذلك مما يعين المتصرف الفرنسي في الشؤون العامة في تدبير حياة الناس وفي تسيير أمورهم.

تاريخ مناطق موريتانيا ما عدا تگانت والعصابة وآدرار كتب بول مارتي عن الحوضين في كتابه “القبائل البيضانية في الحوض والساحل الموريتاني” وقد ترجمه الباحث المؤرخ السيد محمد محمود ولد ودادي كما ترجم ما يتعلق بكنتة الشرقيين والبرابيش من كتاب ثان لمارتي تحدث فيه عن هاتين القبيلتين وعن قبيلة إيگلاد الطارقية.

أقام مارتي زمنا في البراكنة والترارزة فألف كتابين الشهيرين عن هاتين المنطقتين. ولم يترجما بعد، كما ألف كتابه الشهير “دراسات حول الإسلام في موريتانيا” وقد ترجمه مؤخرا الدكتور البكاي ولد عبد المالك وصدر سنة 2010 بتونس. وقد تعرض فيه مارتي للطريقة القادرية في منطقة الترارزة وخاصة فرعها المختاري (نسبة إلى الشيخ سيدي المختار الكنتي وقد أخذها عنه الشيخ سيديا بن المختار بن الهيبة الأبييري رحمهم الله)، وتحدث فيه كذلك عن فرع آخر من الطريقة القادرية وهو فرعها الفاضلي (نسبة إلى الشيخ محمد فاضل بن مامينا) كما تناول الطريقة التجانية وخاصة فرعها الحافظي (نسبة إلى الشيخ محمد الحافظ العلوي).

خصص مارتي أيضا كتابا هاما لقبائل منطقة تيرس والساحل عموما وهو كتابه: “قبائل موريتانيا العليا

شاهد أيضاً

جريمة قتل جديدة والضحية شاب في مقتبل العمر

توفي مساء امس في قرية بوگي، الشاب فاضل ولد يرگ (الصورة)، متأثرا بجراحه، بعدما تلقى …