هل دخلت موريتانيا مرحلة جديدة لادور للمعارضة التقليدية فيها (افتتاحية)

33efdad8b156b62ce77a940d115006db_XL

في الثالث والعشرين من نوفمبر 2013 تعهد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بإجراء كافة الانتخابات المقررة بغض النظر عن مواقف القوي السياسية المعارضة، أو تلك التي رضت علي الأقل بالانسحاب من العملية السياسية بشكل غير مبرر.
وقال ولد عبد العزيز للصحفيين بعد أن ضمن مشاركة حزب تواصل أبرز الأحزاب السياسية المعارضة إن الذين قاطعوا انتخابات نوفمبر2013 سيندمون، وإنهم اختاروا الاستقالة من العمل السياسي لمدة خمس سنوات، ومن غير المقبول أو الوارد أن تظل الأجندة الانتخابية مفتوحة إلي أجل غير معلوم.
لم يستوعب أغلب المعارضين المقاطعين تصريحات الرجل، واعتبروها مناورة سياسية، بل إن البعض ظل يحدوه الأمل في تأجيل الانتخابات التشريعية والبلدية بعد انطلاق الحملات الدعائية المحضرة لها، وبالغ آخرون في نسج القصص الخيالية عن ضغوط أوربية وأمريكية تمارس لإشراك المعارضة السياسية، وعن وساطة يقوم بها سفراء الإتحاد الأوربي، وعن حجب التمويل عن العملية السياسية بفعل مقاطعة “فلان” أو عدم الاعتراف بنتائجها والأمور المترتبة عليها بفعل امتعاض آخر!.
ومع مرور الوقت بدأت أوساط فاعلة في تلك الأحزاب تستفيق من الوهم الذي أصابها، وتعالت أصوات داخل قوي التقدم وأخري في تكتل القوي الديمقراطية وحاتم، مطالبة بالمشاركة في الانتخابات، وعدم الانجرار إلي موقف بائس اسمه المقاطعة السياسية، دون بديل نضالي مقنع، أو حراك ثوري حاسم، أو سند دولي فاعل.
بل إن البعض حسم أمره بالفعل، وقرر القفز من سفينة المقاطعين قبل النهاية المأساوية، وشارك في العملية الانتخابية ترشيحا أو دعما أو انحيازا لأحد الأطراف المتنافسة.
أحلام المقاطعين
كانت نتائج الانتخابات أكثر من كاشفة للقوي السياسية المحلية، مؤكدة سيطرة الحزب الحاكم وأبنائه علي المشهد السياسي بفعل التدخل المباشر للدولة ورموزها، والمال السياسي الذي وظف أسوء توظيف لشراء ذمم الناخبين في مجتمع بدأت القيم الفاضلة تندرس فيه بشكل متسارع.
لكن لم تكن النتيجة ظالمة لأحزاب أخري مثل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعارض (تواصل) الذي حل ثانيا، متربعا علي عرش المعارضة السياسية – وهو أمر متوقع-، مستفيدا من حكمة الفاعلين فيه، والرؤية التقديرية السليمة للظرف الزماني، وفاعلية قوي شبابية وقبلية سامهت الي حد كبير في صناعة النصر الذي تميز به في أكثر من دائرة معقدة رغم شراسة المنافس، وغياب الحليف المساعد.
أما في المعسكر الآخر فقد سيطرة الهواجس والأحلام، وبات الحديث الأبرز بين شباب الأحزاب وشيبها، هو عدم الاعتراف بالنتائج، والمبالغة في قرب حل المجالس البلدية والمجلس النيابي، والذهاب إلي انتخابات جديدة بعد حوار موسع تشارك فيه الأحزاب المقاطعة أو تتصدره، وشراكة مرتقبة في حكومة الوحدة أو الحكومة الانتقالية أو الهيئة العليا للانتخابات، وكأن قدر البلاد أن تظل رهينة أحلام بعض فاعليها!.
وقد كادت تلك الهواجس تتحول إلي أحلام يقظة، حينما قرر رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ارسال بعض مساعديه للتفاوض مع الأحزاب السياسية المعارضة من أجل المشاركة في انتخابات الرئاسة،وتعالت أصوات المقاطعين، مطالبة بمسار متكامل يخرج البلاد من أزمتها الراهنة.
غير أن الهدوء الذي شهدته الساحة السياسية، والإحباط الذي تم بعد تمرير انتخابات الرئاسة دون مشاكل، وتنصيب زعيم جديد للمعارضة، والشروع في إكمال البرلمان من خلال تجديد مجلس الشيوخ كلها أمور ساهمت في تبديد الصورة الذهنية للعديد من زعماء المعارضة المقاعطين،وأعادت المشهد إلي مربعه الأول.
لقد اتضح أن السيف الذي لوحت به المعارضة – عدم الاعتراف بأي فعل غير مشاركة فيه- هو سيف من خشب، وأن الرئيس مقتنع بسلامة انتخابه رغم مقاطعة المعارضة، وهو أمر ينطبق علي البرلمان الذي شاركت فيه أطياف أخري أكثر فاعلية ومصداقية من بعض المعارضين.
لقد شكل الأربعاء 05-11-2014 آخر رسالة للأطراف السياسية المقاطعة مفادها أن الدرس يجب أن يستوعب علي بساطته ” من غاب بقرار منه، فلا يتوقع أن ينتظره الآخرون”، وأن البلاد دخلت مرحلة جديدة لادور للمعارضة التقليدية فيها، وان كان ولابد، فهو الصراخ في الشارع ووسائل الإعلام أن البرلمان غير شرعي والرئيس غير معترف به، ونحن لن نشارك في أي شيء.

نقلا عن: موقع “زهرة شنقيط

شاهد أيضاً

جريمة قتل جديدة والضحية شاب في مقتبل العمر

توفي مساء امس في قرية بوگي، الشاب فاضل ولد يرگ (الصورة)، متأثرا بجراحه، بعدما تلقى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *