المدون حسن امبيريك يروي تفاصيل اعتقاله والتحقيق معه

القصة وما فيها

تم استدعائي مساء يوم الأربعاء الموافق 23 فبراير عبر اتصال هاتفي من أحد عناصر إدارة الأمن، و لبيت الاستدعاء بسرعة حيث حضرت عند إدارة الأمن في حدود الساعة الرابعة بعد الظهر من نفس اليوم.
عند دخولي سحبوا هواتفي، و أخذوا جميع معلوماتي الشخصية، وأعلموني بأنني قيد التوقيف.
أخذوني إلى معتقل في تفرغ زينة قرب المفوضية الرابعة، وعند دخولي _ للأمانة_ أصدروا تعليمات إلى المشرفين على حراستي بعدم معاملتي بتشدد قائلين لهم: ( هذا شخص عادي ليس مجرما و لا إرهابيا و اعتبروه ضيفا لديكم).

جلست في غرفة احتجازي معززا مكرما، ممنوعا من الهواتف و إجراء الاتصالات، مع أنني ألحيت عليهم بالطلب للإتصال بعائلتي و شرحت لهم الظروف الصحية لوالدتي التي تعاني من أمراض السكري و ارتفاع الضغط المزمنين، بالإضافة إلى ضرورة اتصالي بزوجتي لتسليمها مبلغا ماليا بحوزتي لتغطية متطلبات علاجها وهي تمر بآخر أيام حملها، لكنهم لم يجيبوني على تلك الطلبات و لم يلبوها، وبعد إلحاح آخر بطلبي السماح لي بتوديع والدي الذي يغادر البلد نفس الليلة لإجراء عملية جراحية خارج الوطن، قالوا لي بأنهم سيعلمون أسرتي بأنني موقوف.

بعد صلاة المغرب أحضروا لي الطعام من أحد المطاعم و أخبروني بأن الدولة تضع تحت تصرفي مبلغا ماليا لإعاشتي، لكن السجائر غير مشمولة في تلك المصاريف، ويمكنني اقتناؤها من مالي الخاص.

خيروني بين غرف المنزل الخاوي على عروشه، فاخترت إحدى أكبر غرفه، وأحضروا لي مرتبتين و ناموسية، إحدى المرتبات أنام عليها داخل الناموسية و الأخرى خارجها أبقى عليها طوال بقية وقت استيقاظي.

وضعوا إلى جانبي قناني ماء و بعد تناولي وجبة العشاء و احتساء شاي شهي، وضعت رأسي على المخدة وأسلمت نفسي لنوم عميق وهادئ، كان ذلك في حدود الساعة التاسعة بعد العشاء.

استيقظت على صلاة الصبح وصليت ثم نمت بعد ذلك حتى الساعة الثامنة أيقظوني وسألوني عن طلبي لوجبة الإفطار، ووفروا لي ما طلبت بالضبط، كان كأس شاي و قطعة خبز.
ذهبوا بي بعد ذلك إلى المحققين و حضرت أمامهم في منزل موازي لمكان اعتقالي، كانا شابين بين يديهما ملف أصفر اللون و جهاز كمبيوتر.

بعد تبادل التحايا، قالوا لي من ضمن حقوقك اختيار محامي و تحديد شخص من عائلتك للقاءه، أعطيتهم رقم خالي و طلبوا مني رقم المحامي فقلت لهم بأنني أنتظر لقاء الخال لتحديد المحامي.

قالوا لي لقد تم استدعاؤك بسبب تدوينة كتبها شخص حول علاج أحد القضاة على حساب رجل الأعمال ولد بوعماتو، و قال بعد التحقيق معه بأنك أنت كنت مصدره في تلك المعلومات؟! أجبتهم بأنني فعلا أخبرته بذلك، فسألوني من أخبرني بتلك المعلومات؟ فقلت لهم بأنني رأيتها مكتوبة في عدة مجموعات واتسابية و على عدة حسابات فيسبوكية، كما سمعتها في أحاديث الماره الأيام التي قضيناها أمام مستشفى القلب، تعرض الرئيس السابق للوعكة الصحية الأخيرة.

أصروا على أنني أوفر الحماية لشخص معين هو مصدري في تلك المعلومات، قلت لهم بكل اختصار: كونوا على ثقة من أنني أتحمل كامل المسؤولية عن كل حرف كتبته على صفحتي و عن كل كلمة قلتها و إن كان لديكم أي شيء يدينني وقد صدر مني سأعترف به ولن أتنكر لأي من أقوالي و لا أفعالي، غير ذلك ليس لدي ما أضيفه في هذا الملف.
في المساء عاد إلي أحد المحققين و قال لي مازلتُ غير مقتنع بروايتك، وأصر على كونك تحاول حماية شخص معين هو مصدرك، أجبته بأن مجموعة كبيرة من الأشخاص سمعتها تروي الرواية في مجالس عدة لكنني لا أستطيع تحديد شخص واحد من بينهم ليكون هو المسؤول دون الآخرين، كما لا يمكنني استحضار أسماء الصفحات التي كتبت لأنني لا أحتفظ بها ولا بالأرقام التي وزعتها في واتساب، وتلك هي الحقيقة التي أخبرتكم بها أول مرة ومازلت أخبركم بها و سأواصل ذلك، قال لي كنا نود لو تعاونت معنا لكي تسهل علينا إطلاق سراحك، أجبته بأن يأخذوا وقتهم لكنني سأمهلكم حتى الغد إن لم يزرني أحد من عائلتي و لا المحامي فإنني سأدخل في إضراب عن الطعام و الشراب حتى احصل على حقوقي كمعتقل.
بعد ذلك زارني مفوض من إدارة المخابرات و سألني إن كنت تعاونت مع المحققين فأخبرته _وهو عليم _ بكل ما قلت لهم، فقال لي: هذا لا يسمى تعاونا إذ لابد من أن تحدد لهم شخصا معينا، و غادرني.
بعد ذاك بساعات زارتني خالتي، واحضرت لي بعض احتياجاتي، وفي صباح اليوم الموالي زارني المحامي و قصصت عليه رحلتي، وجهني وفقهني في السبل القانونية.
بقيت طوال اليوم في معتقلي حتى مساء الجمعة، زارني المفوض رفقة أحد المحققين و سألني المفوض هل تمت مضايقتي أو إن كنت تعرضت لمعاملة غير لائقة؟ فأجبته بالنفي وبأنني راض عن معاملتي إلا عدم السماح لي بالاتصال بعائلتي خاصة أنني شرحت الظروف الصحية لوالدتي وزوجتي.
قال لي اسمعني جيدا نحن لم نستدعك بسبب قرابتك بولد عبد العزيز أو بسبب موقفك المؤيد له، لأن تلك اختياراتك السياسية الشخصية التي يكفلها لك القانون، ونحن نحترم لك اختياراتك السياسية، لكننا في إدارة المخابرات نتعرض لشيطنة من طرف بعض الجهات و الحقيقة هي ما رأيت بعينك.
قالوا لي هذه هي أقوالك نريد منك قراءتها و توقيعها إذا كانت تتطابق مع ما صرحت به، قرأت الملف ووقعته، قالوا لي: الآن سنطلق سراحك.
قلت لهم ومتى تتم إحالة الملف؟!
أجابوني بأنهم قرروا حفظ الملف، شكرتهم على حسن الضيافة و أوصلوني إلى ساحة الحرية أمام القصر الرئاسي وتركوني ثم قالوا صباح الإثنين عليك التوجه إلى الإدارة العامة للأمن لإستلام هواتفك.

والكفطه 

نقلا عن صفحته

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …