مشكلة العبودية/ بقلم الحسن ولد بناهي

10867081_722637087821410_1295344216_n

إن الحديث عن العبودية في موريتانيا لايمكن أن يأخذ مساره الصحيح إلا إذا استند بكل موضوعية وحياد إلى المسار التاريخي المجرد للمسألة التي لاتزال إلى حد قريب مجهولة الجذور والمعطيات شأنها في ذالك شأن الكثير من المعطيات التاريخية المحلية التي تحتاج إلى غربلة تاريخية بمنهاج علمي يمكن من الوصول إلى حقيقة واحدة عكس الجقائق المتعددة والمتجذرة في أذهان البعض
لنسلم جدلا بأن ممارسة الإسترقاق كانت قضية سلبية مشينة ومقززة إلى حد الإشمئزاز في كثير من حيثياتها إلا إنها وبعد ولادة الدولة المركزية أصبحت تتخذ أبعادا إجابية علي المستوي الرسمي
تعتبر المشكلة في جذورها نابعة من الغبن الطبقي الذي مارسه المجتمع في فترات تاريخية متعاقبة وغذته الصراعات القبلية والشرائحية التي كانت الطابع المميز للمجتمع نفسه
الشيئ الذي جعل الكثير من سكان هذا البلد المتخلف أصلا يجدون أنفسهم متخلفين أكثر لالشيئ إلا لأنهم أبناء الطبقة التي مورست عليها العبودية في فترة معينه
إن الضرب علي وتر الوحدة الوطنية والإنسجام الإجتماعي والتعايش السلمي لايمكن أن يكون له صدى إلا إذا انطلقنا من مبدء موضوعي نرى من خلاله الإختلالات الضاربة في عمق المجتمع من زوايا متعددة وبمناظر مختلفة فاحصة ومستبصرة تستجلي تركة الماضي وتتقاسم وفرة الحاضر وتستشرف مستقبل الدولة التي نأمل أن تكون غدا على مستوي الإستثمار في أفكار أبناء الوطن الواحد
ليس من الترف الفكري ولااللغوي السجالي إذا طالب أبناء الأرقاء السابقين بإعادة الإعتبارالمعنوي والإعتذار العلني من أبناء طبقة الأسياد ومن غير المنطقي أن تكون في الأمر مزايدة إدا كان من غير الممكن لأبناء الأسياد السابقين التخلي عن التفاخر بأمجادالأباء والأجداد وبطولاتهم التي تتجاوز حد الأسطورة في مداآتها المختلفة لأن من يتأثر إجابا ببنوته لأي كان يجب أن لايتنصل من المسؤولية السلبية له ولو من الجانب الأخلاقي علي الأقل
إن من واجب الدوله رسم سياسات واضحة من أجل إعادة توزيع الثروة البشرية والمادية لهذا الوطن بخلق لامركزية حقيقية تمكن الإدارة بكل مكوناتها الإقتصادية والصحية والتعليمية من التدخل البناء على امتداد الداخل )السحيق( الذي يحوي الخزان البشري الحقيقي لأبناء المهمشين
إن ردات الفعل المتلاحقة والمتكررة والمتطرفة أحيانا طبيعية للفعل نفسه وللـآثار التاريخية المترتبة عليه في أكثر حالاتها وقد شكلت في الكثير من تجلياتها الصعقة التي أيقظت المجتمع من سباته وولدت لديه وعيا بخطورة الوضع الإنفصامي الذي يسكن ذاته لكنها في المقابل حفزت لدي بعض منظريها شهية الإنتقام غير المبرر وعززت لديهم نظرية إثبات الذات بإنكار اللآخر وذهبت بهم إلى حد التنكر للحاضنة الإجتماعية والهوية الثقافية والدينية
لقد ساهم الإعلام المتفلت من عقاله في معظمه في إذكاء جذوة نار متأججة كان من الأجدر به أن لاتكون بدايات الإبداع والرقي فيه هشيما لها
فالإعلام الراقي لايقاس بمستويات الإثارة بقدر ما يقاس بمستويات ترشيد الحرية وسيطرة العنصر البشري على الإستخدام الأمثل لها
إن اقتناع واقتناع الجميع بمبدإ أخذ الحقوق هو الضامن الوحيد لتعزيز الإندماج والوحدة الوطنية بين مختلف المكونات الأهلية كما أن التحرر من عقدتي التعالي والدونية يشكل هو الآخر حجر الزاوية والمنعرج السليم في البعد التصالحي للقضية من أجل بناء موريتانيا موحدة مجسدة في إرادة شعب ناضج في العيش المشترك

بقلم : الحسن ولد بناهي

شاهد أيضاً

واشنطن تسمح بمرور مشروع قرار لوقف القتال في غزة

بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب في غزة، تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت في …