أثار تسريب فيديو لزعيم الحراك الشعبي بالحسيمة، ناصر الزفزافي، وهو شبه عار في السجن، استهجانا كبيرا من لدن حقوقيين وسياسيين ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب، واعتبروه فعلا مهينا وحاطا بكرامة الإنسان، وطالبوا بمتابعة من قاموا بتسريبه.
“جريمة مكتملة الأركان”
وصف المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عبد الرحيم العلام تصوير قائد الحراك الشعبي بالحسيمة، ناصر الزفزافي، شبه عار وتسريب الفيديو خارج أسوار السجن، بأنه “جريمة مكتملة الأركان، وانتهاك صارخ لحقوق الانسان”.
وأوضح العلام في تدوينة له على “فيسبوك” أن تصوير الفيديو ونشره أمام العموم هو “جريمة أخطر من الجريمة التي حاول الذين صوروا الزفزافي عاريا نفيها، فلا يوجد تعذيب أكبر إهانة من تصوير مواطن بملابسه الداخلية ونشر صوره أمام الملأ، بدعوى إثبات أنه لم يتعرض للتعذيب”.
وتساءل العلام: “هل تم التصوير بأمر قضائي؟ ولماذا يتم نشره أمام الملأ؟”، مضيفا أن “هذه الجريمة لم تحدث حتى في سنوات الرصاص، بل لم تحدث إلا في سجن أبو غريب عندما تم تصوير المعتقلين العراقيين من طرف حراس السجن الأمريكيين”.
وأضاف الأستاذ الجامعي: “كل يوم يزداد الأمر سوءا في هذه المملكة، التي لا نعلم أين يسير بنا الذين يتخذون القرار فيها”.
ولاقى الفيديو الذي تم تسريبه لإحدى المواقع الإلكترونية التي اعتبرها نشطاء بأنها مقربة من الأجهزة الأمنية، واطلعت عليه “عربي21″، موجة من الغضب في صفوف مجموعة كبيرة من الحقوقيين والسياسيين ونشطاء موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، نظرا لما يشكله الفيديو من خرق واضح للقانون وإهانة لكرامة الإنسان.
ونتيجة لذلك، دشن نشطاء حملة واسعة في “فيسبوك” دعت إلى التبليغ عن الفيديو الذي وصفوه بـ”الفضيحة”، الأمر الذي تفاعل معه رواد الموقع الأزرق بشكل كبير ونتج عنه حذف الشريط من الموقع الإلكتروني الذي سربه ومن قناته على اليوتيوب وصفحته بالفيسبوك.
المسؤولون عن التسريب
من جهته، اتهم رئيس جمعية محامي العدالة والتنمية، وعضو المكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، عبد الصمد الإدريسي جهتان قال عنهما إنهما مسؤولتان عن انتهاك حرية الزفزافي وإيلامه بنشر الفيديو الذي وصفه بـ”المشؤوم” والذي يذكر بسجن أبو غريب.
وقال الإدريسي في تدوينة له على “فيسبوك”، إن أمر التسريب “لن يخرج عن الفرقة الوطنية أو المندوبية العامة لإدارة السجون.. الجهتان المسؤولتان عن انفاذ القانون، واللتان قضى عندهما الزفزافي مدة اعتقاله”.
وأوضح الإدريسي أن “الفيديو يؤكد مزاعم التعذيب ولا ينفيها.. والنفي لا يكون إلا عن طريق خبرة محايدة”.
وشدد على أن “نشر الفيديو في حد ذاته تعذيب نفسي وإيلام وانتهاك للمعطيات الشخصية.. حادثة فضيحة غير مسبوقة تسائل الجميع، كل من له علاقة.. تسائل وزارة الداخلية، وزارة العدل، القضاء، وزارة حقوق الانسان.. هم يودون بعث رسالة تخويف للحراك، للحقوقيين للمغاربة.. رسالة تأكيد أن عهد التراجعات بدأ.. لكنها كلها رسائل خطأ.. سيصل عكسها للناس والمجتمع.. وسيتعرى بؤس السلطة كما عرت جسد الزفزافي”.
وقال إنه “إلى حين صدور بيان مفصل لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان.. سيبقى ما فعلوا وصمة عار تنضاف إلى مسلسل انتهاكاتهم”.
منحدر ليس له قاع
فيما قال القيادي بجماعة العدل والإحسان، حسن بناجح، في تدوينة له على “فيسبوك”، إنه “بعدما كانت الأجهزة تسرب المحاضر المفبركة لتشويه المعتقلين، وصلت اليوم إلى منحدر ليس له قاع ولا قرار بتسريب فيديو للمعتقل السياسي الزفزافي على نمط أشرطة أبو غريب الشهيرة”.
وأضاف: “البعض فسروا هذا السلوك الخطير المتجاوز لكل القوانين والأخلاق بأنه يدل على شراسة النظام وأنا أرى فيه دليلا قاطعا على ضعف وارتباك غير مسبوقين، لأن لا شيء غير الضعف والارتباك يمكن أن يدفعا إلى هذه الحماقة الانتحارية”.
الفيديو سقوط مدوي للسلطة
فيما اعتبر البرلماني الاتحادي السابق، حسن طارق، الفيديو المسرب لقائد حراك الريف بأنه “سقوط أخلاقي مدوي للسلطة”.
جريمة لا يجب السكوت عنها
بدوره، اعتبر المرتضى إعمراشا، أحد المتابعين على خلفية الحراك ذاته بتهمة الإرهاب، أن “تسريب فيديو من وثائق البحث القضائي حول ما تعرض له الزفزافي من تعذيب يعد جريمة أخرى لا يجوز السكوت عنها”.
وطالب بالكف عن “كل هذا العبث بقيّمنا ومبادئ القضاء”، متسائلا: “لا أدري من في مصلحته كل هذه الإهانات التي يتعرض لها القانون المغربي؟”.
وتعتذر صحيفة “عربي21” عن نشر الفيديو نظرا لما يشكله من تعد على حرمة السجين، وانتهاكا لكرامته.
وكان الزفزافي، قد مثل صباح اليوم الإثنين، أمام قاضي التحقيق بالغرفة الأولى، لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وذلك لإخضاعه للاستنطاق التفصيلي، بمعية المعتقل جواد صابري.