عندما أعلنت موريتانيا خلوها التام من فيروس كورونا بعد شفاء آخر حالة، أسفر التلفزيون الوطني عن ابتسامتين في غير محلهما. فقد استضافت النشرة الرئيسية مدير الصحة، ولد الزحاف، فابتسم وهو يخبر الصحفية، ضمنيا، بأن البلاد انتصرت!. وفي تقرير عن المختبر، بدا ولد البراء مبتسما، مع طاقم باش، يلوحّ برايات الانتصار!.
الابتسامتان، في فترةٍ تفشى فيها الوباءُ بين الإفرنج والجرمانيين والكوبويْ، كانتا تنبئان عن سوء تقدير لدهاليز الغد. كنا كمن ينظر إلى لاعبين يلوحون بالفوز قبل انتهاء المباراة، ثم فجأة يتلقى مرماهم 5 أهداف في الدقيقتين الأخيرتين و9 أهداف في الثانية الأخيرة، لتنتهي المباراة بطحنهم 14 مقابل 1 على عادة “المرابطين”.
وبالرغم من إخلاص وكفاءة الإطاريْن، فإن التلويح بالفوز قبل نهاية اللعب عمل من صميم أفعال “تونات” (اللاعبين غير المَهَرَة في لغتنا الهجينة).
البسمتان، على “وجه” وزارة الصحة و”وجه” المختبر، أذِنتا للجمهور بالتراخي في الإجراءات الوقائية، وأذِنتا لشرطة المعابر بالتسامح مع المغامرين، وأذنتا للأطقم الطبية بالتركيز على التخمة وتسوّس ضرس العقل (أو ما بقي منها بعد الفزع!).
إن على الدولة، لمواجهة الجائحة بأسلوب أنجع، أن تعاود الظهور في التلفزيون بوجهها الآخر: الوجه العابس، الجاد، الصارم، ليفهم الجمهور، بخاصيته وعوامه، أن عليه أن يشد المئزر لأنها معركة وجود تتطلب قدرا، ولو يسيرا، من تجهم الوجه وتجاعيد النواصي.
محمد فال ولد سيدي ميله