نشر الصحفي إياد حمد، مساء السبت، رسالة مؤثرة في أعقاب فصله من عمله كمصور في وكالة “اسوشيتد برس” الأمريكية.
وكانت وكالة “اسوشيتد برس” أقدمت على فصل مصورها حمد (63عامًا) بحجة أنها تلقت شكوى ضده من الشرطة التابعة للسلطة برام الله بدعوى قيامه بـ”التحريض ضد الأجهزة الأمنية ومحاولته خلق فوضى”.
وفيما يلي نص رسالة حمد:
قبل قليل استودعت قطعة من جسمي كانت رفيقتي المخلصة الأمينة التي لم تخني يوماً.
اليوم ودعت كاميراتي كي تعود إلى مكاتب Ap في القدس.
ربما لا يعرف أحد ماذا تعني كاميرا المصور الذي حملها عشرون عاما. جاب بها بلاد وبلاد، وثق بها حكايات ألم وحزن وعناء.
كانت لي خير رفيق، وكانت أصدق من أناس كثر. حملت بداخلها صورة الشهيد، ودموع أم الشهيد، وصرخات طفل يودع والده الشهيد.
سجلت زغرودة الأم فوق رأس ابنها الذي اخترق رصاص الاحتلال رأسه.
سجلت صورة طفل يركض خلف جنود الاحتلال بحجر. وسجلت صورة دبابه تدوس البيوت وتمر على أشلاء شهيد.
ذهبت الكاميرا وبقي لي ذكراتها الحزينة التي لن تفارق ذاكرتي.
لن يعرف أحد منكم معنى أن تصبح هذه الكاميرا قطعة منك وأنت قطعة منها. في بعض الأحيان كنت أتحدث معها بعد انتهاء تصوير يوم دام حيث نكون عائدين لوحدنا.. أشعر بعض الأحيان أن هذه الكاميرا لها قلب أحن من قلوب بعض البشر. يكفي أنها لم تخني يوما في معاركي.
استنشقت الغاز مثلي، وأصيبت بالرصاص مثلي، واحتجزت معي في مراكز التوقيف.
ودعت حكاية عشرين عاما من العمل الصحفي في لحظه. لكنها ستبقى معي وترافقني في حياتي… حكاية العشق بيني وبينها لا يعرفها أحد سوى المصورين.
عندما غادرت غزة شعرت أنها تبكي معي. وعلى حدود تونس نظرت من الطائرة نظرة الوداع. وفي ليبيا ومصر وتركيا والسعودية والجزائر والأردن .. شاهدتها تبكي أثناء تغطية الرئيس الراحل أبو عمار .. وفي بيت لحم أثناء حصار كنيسة المهد كانت تصلي.
في حرب 2014 في غزة كفرت هذه الكاميرا بكل معاني الإنسانية عندما كانت توثق عائلة كاملة استشهدت.. وفي مسيرات العوده على الحدود رقصت مع الصبايا والشباب على السلك.
هذا كاميرتي التي ودعتها اليوم. آمل أن من وقف وراء فصلي أن يعلن الانتصار.. أن يطلق النار في الهواء، أو يوزع الحلوى.
أقول لكم حكايتي.. لم ولن أتوقف يوما مهما كان الأمر.
لن أتوقف حتى أصبح تحت التراب.
وداعا يا أعز الأصدقاء..