يُعد الشيخ سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي من أبرز أعلام القراءات والعلوم الإسلامية في غرب إفريقيا خلال القرن الثاني عشر الهجري، وقد برز بوصفه حامل لواء السبع، وعالماً متفنناً في الفقه والنحو والتفسير وعلوم اللغة، حتى صار يُعرف بـ”شيخ القراء في موريتانيا”.
ولد التنواجيوي في بيئة علمية، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وبلغ في العلم الغاية القصوى، إذ كان يتمتع بذكاء حاد، وذاكرة قوية مكنته من حفظ ما يسمعه من المرة الأولى. تتلمذ على يد كبار العلماء، وعلى رأسهم الولي الصالح سيد أحمد الحبيب السجلماسي، الذي أخذ عنه القراءات.
أشرف على تصحيح المصاحف وتنقيتها من اللحن والتصحيف، وكان له اجتهاد بارز في “مسألة الجيم” المشهورة. قصدته الوفود من مختلف أرجاء بلاد التكرور، وانتفع بعلمه خلق كثير أصبحوا بدورهم أئمة ومقرئين يُقتدى بهم.
خلّف الشيخ إرثًا علميًا زاخرًا، شمل مؤلفات مهمة منها: شرح خليل المعروف بالرارية، وشرح ألفية ابن مالك، وشرح أم البراهين للسنوسي، ونوازل مختلفة، كما كان له إسهام بارز في ترسيخ تقاليد المحظرة الشنقيطية، ونقلها من طور التلقين المحدود إلى فضاء التخصص والتوسع المعرفي.
امتد تأثيره ليشمل رقعة واسعة من بلاد التكرور، وهو ما أكده صاحب فتح الشكور بقوله: “انتفع على يده خلق كثير كانوا أئمة يُقتدى بهم”. وقد وصفه المؤلف بـ”بحر لا تكدره الدلاء، محييًا للسنة، مميتًا للبدعة”.
كما ساهم الشيخ التنواجيوي في تعريب المنطقة وتعزيز النطق السليم للغة العربية، وكانت فتاواه ونوازله مرجعية علمية معتبرة وصلت أصداؤها إلى علماء مصر.
توفي الشيخ سنة 1145هـ/1733م، غير أن محظرته استمرت في العطاء من خلال تلامذته، أبرزهم الطالب أحمد بن محمد راره، الذي واصل نهجه في نشر العلم وإقراء القرآن.
يُعد الشيخ سيدي عبد الله التنواجيوي بحق أحد رواد النهضة الثقافية في غرب الصحراء، ورمزًا من رموز المحظرة الشنقيطية التي ساهمت في إشعاع العلوم الإسلامية في المنطقة.
محمد غالي سيدي عثمان