أرڭيبة.. “من أتمر إلى كَرته

تمتد منطقة أرڭيبة على حيز جغرافي واسع يبدأ من هضاب تكانت شمالاً، ويمتد جنوباً داخل الأراضي السنغالية مروراً بكاراكور والجنوب الشرقي داخل التراب المالي. ومن الشرق تحدها منطقة أفله، بينما تتداخل حدودها غرباً مع آفطوط.

وهذا الامتداد يجعلها مجالاً عابراً لعدة ولايات موريتانية هي: تكانت، لعصابة، كيديماغا، إضافة إلى أجزاء من الأراضي السنغالية والمالية.

من الناحية التاريخية، ورد ذكر أرڭيبة في عدد من الحوليات والمصادر، حيث أشار إليها المؤرخ المختار ولد حامد في موسوعته الشهيرة ضمن الجزء الجغرافي، وعدّها من المواضع الطبيعية ذات الطابع التاريخي المميز، إلى جانب أسماء أخرى مثل: إجامرة، وترمسة، وأركيز، وآوكار، وفله، وآفطوط، وكركور، واظَهر،…… وغيرها من المعالم التي شكّلت جزءاً من جغرافيا الذاكرة الموريتانية.

لقد شهدت المنطقة أحداثاً كبيرة قبل قيام الدولة الموريتانية الحديثة، وكانت مسرحاً لوقائع مفصلية في تاريخ البلاد. فقد ارتبطت بمرحلة إمارة أولاد امبارك التي كانت جزءا جغرافياً من إمارتها كما كانت شاهدة على معارك وأحداث تداولها الأدباء والمؤرخون جيلاً بعد جيل.

عاشت أرڭيبة حقباً متعددة من تاريخ المنطقة، فكانت حاضرة في المشهد السياسي والاجتماعي قبل دخول الاستعمار الفرنسي،
أما حدودها كما عُرفت تاريخياً، فقد لخّصها الزعيم محمد محمود ولد سيدي المختار ولد محمد محمود ولد النهاه ( شيخ اهل سيد محمود ) في مجلس جمع شيوخ القبائل بالحاكم الفرنسي. أوريول – (Vincent Auriol)
في سين لوي ( اندر) بالسنغال فيما عرف (بحصرةِ السيفات). سنة 1947 حيث كان المترجم يسأل كل شيخ عن قبيلته وحدود مجالها. وعندما جاء دوره قال عبارته الشهيرة:
“من أتمر إلى كَرته”.
ويقصد بذلك: من واحات نخيل تكانت شمالاً (#أتمر)، وصولاً إلى مزارع الفستق #كرته داخل الأراضي السنغالية جنوباً. وهو وصف بليغ لحيز جغرافي واسع المدى.

إن الحديث عن أرڭيبة يطول، إذ تتشعب أحداثها التاريخية وتتداخل مع مسارات التكوين الوطني لموريتانيا، فهي ليست مجرد مجال جغرافي فحسب، بل ذاكرة حية اختزنت صدى وقائع وأحداث ومراحل مفصلية من تاريخ البلاد.

بقلم محمد غالي سيدي عثمان

شاهد أيضاً

القافلة تسير ونحن على العهد باقون

قبل أحد عشر عامًا أطلقنا القافلة كموقع إخباري، في زمن لم تكن فيه وسائل الإعلام …