
صدقت مقولة عنون بها الباحث سيد أحمد ولد الأمير احدى مقالاته وهي أنك إذا أردت من الموريتاني أن يكتب لك تاريخه فقم باستفزازه
وأنا أتابع دهشة رواد منصات التواصل الاجتماعي من مجموعة اهل سمبور استفزني الأمر فتذكرت انني قبل سنة اكتشفت كنزا معرفيا كنت أجهله واعجبت كثيرا بطريقة صاحبه واسلوبه وهذا الكنز كل ما مر الزمن ازداد اعجابا وتقديرا للمجهود الذي قام به صاحبه ، إنها الموسوعة التاريخية التي كرس العلامة محمد المحفوظ ولد محمد الأمين رحمه الله وقته الثمين وجهده القيم في كتابتها حول تاريخ موريتانيا مركزا فيها على مناطق الحوض الأكثر عزلة وغيابا عن الأضواء ، من ضمن هذه الموسوعة عنوان لافت لم افهم مغزاه وتوفيق صاحبه في اختياره إلا بعد الضجة الأخيرة التي أقامتها تغطية بعض المنصات لوقائع زيارة السيد رئيس الجمهورية لمقاطعة جگني وظهور مجموعة من أهل سمبور في حشود المستقبلين وتحدث بعضهم بحسانية مفهومة ، فكان البعض يتساءل مستغربا كيف ظهر هؤلاء ومن يكونون ، ففاجئني هذا فالمجموعة معروفة لدى عموم أهل الحوض ، وحاضرة في السرديات التاريخية لتاريخ أولاد امبارك ، ولها حضور أيضا في بعض أحداث الحوض تحديدا سنوات استفحال الصراعات الداخلية في إمارة أولاد أمبارك فقد كان حضورهم قوي في بعض الأحداث المؤلمة وسجل المختار ابن حامد في أجزاء موسوعته تلك الأحداث التي كانوا طرفا فيها .
ورجوعا إلى مابدأنا به فقد تذكرت عنوانا طال ما تساءلت عن أسباب اختيار المؤرخ محمد المحفوظ له ليعنون به كتابه عن مجموعة الفلان فقد كان عنوان كتابه عن تاريخهم هو ” إيقاظ الوسنان في تاريخ الفلان” وكأنه حددلكتابه وظيفة هي تنبيه النائمين والغافلين معرفيا بتاريخ قومية تستحق أدوارها ومكانتها وعلاقاتها بتاريخ الثقافة العربية الاسلامية في بلادنا وجوارها أن يكون تاريخهم وأدوارهم معروفة والعنوان مصاغ طبقا لمنهج إسلامي وعربي في المعارف الاسلامية معروف وأصيل في تراث المؤلفين وهم من خلال الصياغات المشابهة له إنما يحددون للكتاب وظيفة هي التنبيه والتحسيس بموضوع ما، يكون مندرسا أو غير معروف أو المعلومات حوله تكاد تكون محدودة بل معدومة .
ومن استغراب جموع الفسابكة من ظهور أهل سمبور تولد لدي استغراب جعلني أسترجع ذكريات التاريخ المدون والمروي حول أهل سمبور فكان اول ماتذكرته من المدون هو كتاب : إيقاظ الوسنان هذا فرجعت إلى شذرات منه وإذا بالمؤلف حينما أراد أن يتكلم عن موضوع علاقات الفلان بالبيضان أخذ مجموعة أهل سمبور بوصفها النموذج الأبرز والأهم واستعرض امتدادات اسرهم في بعض المجموعات البيضانية خاصة في اولاد امبارك ومشظوف ، وجاء بمعلومات غاية في الدقة والندرة والأهمية وذكر شواهد من عمق الصلات والعلاقات لدرجة ان فنانين من مجموعة أهل سمبور كانوا قديما يقصدون أحياء من مجموعات بيضانية بعينها معتبرينها تجسد عمقا اجتماعيا تربطهم به صلات تخولهم طلب مايلزم اتجاههم كفنانين
ولم تكن شواهد غير المدون من التاريخ هي الأخرى بأقل أهمية مما هو مدون فقد تذكرت شاهدا من أدب المنطقة كان فيه سمبور حاضرا ففي ماتحكيه الروايات الأدبية لمجموعة إجاجبركه التنواجيويين أن عميدة مجتمعهم في الأدب النسائي في زمنها مريم منت اسماعيل الملقب أن قد كان من ضمن ماقيل لها من أدب گافا شهيرا هو :
مريم منت أن گال حد #
يامس فاهل مامور#
نزل سمبور ذاك بعد #
من الل اقلي سمبور #
ومريم منت أن لمن لايعرفها هي سليلة بيت عز وشرف فوالدها هو اسماعيل ولد الشيخ الذي ينتسب إلى اعمر ولد اعل دفين بولكلال ووالدتها هي احبيبه منت محمدن السباعية وزوجها هو ابن عمها الأديب والأمير أعمر ولد أشريف ولد الشيخ ، وفي جدها يقول اسلماقه ولد دندني :
الشيخ اشريف اول اشريف #
مايعمل مسلت سفاه#
اسند للقوي والضعيف #
سيبار الحله وادفاه#
صقلت مريم موهبتها الأدبية في حي اهلها فكانت تستمع تارة للانشاد الديني والابتهالات الصوفية حيث كان والدها أول شيخ صوفية في مجتمعه وكذلك أخاها الشيخ ولد اسماعيل الذي ذكر ابول مارتي أنه يعد من ابرز ممثلي الفاضلية في مجتمعه التنواجيوي وهي حقيقة رسخها كونه في حقيقته فاضلي الطريقة والمنشإ والدم فأمه هي العاليه منت الشيخ الحضرامي ولد الشيخ محمد فاضل، وعند أخواله تربى ونهل من معين طريقهم في التصوف فجاء ليواصل مابدءه والده
فكانت ابتهالات المتصوفة ومسامرات الفنانين، في خيام حيها ومسامرات أدباء الحي الكبار ممن عاصروها من امثال امهادي ولد أوجه وأحمد فال ولد بداده وغيرهم ، حوافز أعطتها رصيدا على رصيد موهبتها وذائقتها وحسن صوتها فانشدت ذات يوم ” اب وني الا وني ” شدوا بصوتها كان في بدايته مجرد كلمات تماري بها طفلها أشريف ولد أعمر الملقب ” اب” ، وقد يكون البعض مهتما لمعرفة المزيد من قصة رموز هذا الشور خاصة ” اب ” وللعلم فإ ن “اب” هذا قيل في حقه اتماري متعدد ولكن لم يخلد منه الا شور اب وني فيحكى أنها قالت فيه لازمة شور آخر ذات يوم حين سقط في بئر كان يمتحي منها ماء ونجاه الله منها ، يحدثني من اثق في روايتهم أنه كان مكتمل الحال والصورة وكان اكثر اقرانه قوة وشجاعة وتوفي في ريعان شبابه لديغا تغمده الله برحمته
استحسن عميد الفن في اسرة أهل دندني لوليد ولد دندني لازمة اتماري هذه فاختارها شاهدا لشور الهمص في بيگي قبل أن يقوم بتحويله كشاهد لمحاط في مايخرص .
وعلى مريم هذه قيل أدب جمييل خاصة من قبل زوجها الأمير الشاعر أعمر ولد اشريف وقد ضمن بوكي ولد اعليات في كتابه موسوعة ادباء الحوضين نماذج من تلك النصوص
وإلى أن نلتقي على وقع استفزازات أخرى في زيارة الحوض الغربي إن شاء الله فالمنطقة منطقة حضارة وتنوع واهل سمبور مجرد نموذج فستشاهدون جاوبات وغيرهم في الطوابير مستقبلا هكذا هي موريتانيا لاتفاجئ من يعرفها إن هي أظهرت له تنوعها العرقي والثقافي والإجتماعي فهي فسيفساء انصهرت فيها جميع الأعراق والثقافات وللعلم فهذا التنوع تجده في اسماء النساخ والخطاطين إن انت يممت وجهك إلى تراث العلم والمخطوطات فستجد العربي والصنهاجي والفلاني والسوننكي والولفي وغيرهم ، إنه تاريخ عصي على العبث به فشواهده حفظت تاريخا من اللحمة والإنسجام شعب واحد ، دين واحد ، مصير واحد ، عاشت موريتانيا مزدهرة بتنوعها ولحمتها .
موقع القافلة الإخباري موقع اخباري موريتاني