الكرفة… حيث يرقد حامل لواء القرآن محمد ولد سيدي عثمان التنواجيوي (طالبن)

قمتُ اليوم، الجمعة 5 سبتمبر 2025 الموافق 12 ربيع الأول 1447هـ، في يوم مبارك يوافق ذكرى المولد النبوي الشريف، برحلة إيمانية انطلقت من مدينة لعيون، عاصمة ولاية الحوض الغربي. وبعد نحو ساعة من المسير بلغتُ مرقد الوالد محمد ولد سيدي عثمان التنواجيوي، الملقب طالبن، الكائن بضواحي أم لحبال عند موضع الكرفة، الذي يبعد حوالي 88 كيلومترًا عن مدينة لعيون عاصمة ولاية الحوض الغربي ، منها سبعة كيلومترات غير معبّدة شمال طريق الأمل، تؤدي إلى موضع الدفن المعروف بـ”كرفة لمليحس”. وهو موقع أثري عريق محفوظ في ذاكرة أهل المنطقة، ويتبع إداريًا لبلدية أم لحياظ.

ويجاور قبره ضريح الشيخ المصلح ولد الدين، أحد أعلام أسرة أهل الدين، الذي نهل منه بعض علوم القرآن، كما يجاوره أيضًا قبر الفقيه باب أحمد ولد يوسف التنواجيوي، والسيدة الصالحة عائشة منت اكبادي، مما يضفي على المكان هالة روحانية تملأه مهابةً وسكينة.

وترتبط هذه الناحية بحدود ارض ترمسة، الشمالية التي تصل منطقتي أم الكرعان وأم لحياظ، حيث الامتداد الشمالي لترمسة في عمق الحوض الغربي

وتفصلها مسافة نحو 25 كيلومترًا عن مقبرة تادرت الشهيرة، حيث يرقد الجد سيد أحمد عبد الله ولد سيدي عثمان.

ويُروى أن سبب دفن طالبن في هذه البقعة يعود إلى مرور قومه البدو الرحل بها في إحدى محطات تنقلهم الموسمية بين اطراف ترمسة شمالا ( ام الكرعان وام لحياظ) وجنوبا ( خط بنعوم في إقليم باغنه داخل الأراضي المالية ) ، قبل نحو سبعة عقود.

وعندما بلغ الخبر الشيخ ولد أعمر تأسف لعدم نقله إلى تادرت، حيث مدافن أسرته ومجتمعه (إجاج بركه) وحيث يرقد والده. فخفف من ألمه قول اعلانه ولد أب في حديث دار بينهما: “وما ضرّ طالبن إذا دُفن لوحده؟”، في إشارة إلى مكانته الرفيعة التي لا يحدها موضع، ولا ينقص منها اختلاف البقاع.

لقد عُرف محمد ولد سيدي عثمان (طالبن) في مجتمعه التنواجيوي بحمل لواء القرآن وعلومه في زمن كثر فيه الحفاظ والمهرة. غير أنّه تميّز بالحفظ المتقن وحمل راية محظرة والده حتى صار لقبه طالبن مرادفًا لاسمه الشريف.

كان عالمًا ربانيًا، زاهدًا متبتلًا، نذر حياته لتعلم القرآن وتعليمه، فرفع الله ذكره بين قومه، وأبقى أثره ما دام القرآن يتلى.

والحديث عن محمد ولد سيدي عثمان طالبن ليس مجرد ذكر لسيرة رجل فاضل، بل هو حديث عن المدرسة التنواجيوية الأصيلة، التي ارتبطت بالقرآن والعلم والورع. مدرسة حملت مشعل العلماء العاملين الذين بذلوا أعمارهم في خدمة كتاب الله. وحقّ لنا أن نفخر بهذا الإرث العظيم الذي مثّله وأورثه لأهله ومجتمعه.

رحم الله محمد ولد سيدي عثمان (طالبن)، وجعل مثواه الفردوس الأعلى، وجزاه عن القرآن وأهله خير الجزاء.

محمد غالي اعلانه ولد سيدي عثمان

شاهد أيضاً

الصحافة الجزائرية تتحدث عن خفايا مادة الإسمنت في السوق الموريتاني

ذا الا عاد حك يالت الدولة اتعود مع المواطن الضعيفكشفت صحيفة الأيام الجزائرية، عن تفاصيل …