هذه هي أسباب توتر العلاقات الموريتانية -المغربية

570a5a1cc46188a1108b45dd

يرجع العديد من المراقبين في نواكشوط حسب التحليلات ، استمرار التوتر في العلاقات الموريتانية المغربية الملحوظ حالياً، لأسباب كثيرة من أبرزها في الوقت الحالي انزعاج موريتانيا من استضافة خاصة يوفرها المغرب لاثنين من أشرس معارضي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز هما محمد بوعماتو ومصطفى الشافعي.
ورداً على هذه الاستضافة ولعدم امتثال المغرب لمذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها موريتانيا من قبل، لتوقيف المعارض مصطفى الشافعي، واصلت موريتانيا بعثها لرسائل الامتعاض وعدم الرضا لجارها الشمالي عبر خطوات منها ترك كرسي السفير الموريتاني بالرباط فارغا منذ سنوات، ومنها كذلك تنشيط للعلاقات مع الجزائر وتسخين لخط العلاقات مع الجمهورية الصحراوية المناوئة للمغرب.
وقد اتضح هذا التنشيط المتعمد للعلاقات مع الصحراويين أخيراً في التعزية الرسمية الموريتانية في وفاة الرئيس الصحراوي التي جمعت بين وصفه بـ»رئيس الدولة» في رسالة التعزية وابتعاث وفد وزاري لحضور مراسم دفنه.
وجاء قرار موريتانيا، استضافة القمة العربية السابعة والعشرين بعد رفض المغرب لاستضافتها «لعدم توفر الظروف الموضوعية للخروج بقرارات تستجيب لتطلعات الشعوب العربية»، ، ليزيد طين التوتر بلة، حيث اعتبر المغاربة هذه الاستضافة إفشالاً ديبلوماسياً وسياسياً للخطوة التي اتخذوها، فأدرجوا الخطوة الموريتانية ضمن خطوات الإزعاج المتعمد التي يقوم بها جيرانهم في الجنوب.
واتضح عبر مسار العلاقات أن جميع الرسائل التي بعثت بها موريتانيا لإظهار غضبها قد وصلت لا لتجعل المغاربة يرضخون ويصححون الخلل الذي يزعج جارتهم الجنوبية، بل ليزدادوا هم أيضاً، حسب تقديراتهم، غضباً على غضبهم، وليزداد تبعاً لذلك التوتر الذي يسعى الطرفان مدفوعين بمصالح كل منهما في الآخر، للتحكم فيه حتى لا تفيض الكأس.
وقد بذلت موريتانيا مدفوعة بإكراهات استضافتها للقمة العربية جهداً قبل أيام لتبديد الغيوم عن العلاقات مع المغرب، وذلك لئلا تقاطع المغرب القمة أو لئلا تدخل عبر أذرعها الطويلة، الأعواد في دواليب الاستضافة الموريتانية للقمة التي يعول عليها الرئيس الموريتاني كثيراً في تقوية موقعيه الداخلي والخارجي في هذه الظرفية الضاغطة.
فقد تغاضت موريتانيا، حسب محللين مقربين من النظام الموريتاني، عن رفض الملك محمد السادس استقبال وزير الخارجية الموريتاني إسلكو أحمد إزيد بيه الذي تردد على المغرب مراراً راجياً مقابلة الملك التي لم ينلها في النهاية، ليضطر لتسليم الرسالة التي تتضمن دعوة ملك المغرب لحضور القمة العربية، إلى نظيره وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار.
وتعمد الجانب المغربي في توضيحات نشرتها وسائل إعلام مغربية شبه رسمية، نشر سلسلة اعتذارات قدمها الوزير الموريتاني لنظيره المغربي في لقائهما الأخير في الرباط، حتى يظهر أن الجانب الموريتاني هو المسؤول عن حالة التوتر والتوتير التي تمر بها العلاقات المغربية الموريتانية.
ومن ضمن اعتذارات الوزير الموريتاني التي نشرها الجانب المغربي اعتذاره عما سماه موقع «هسبرس» الإخباري المغربي «وقوف موريتانيا في صف الأطراف الانفصالية ضد الوحدة الترابية، وإذكاء موقفها ذاك بالتعزية الأخيرة التي وجهها ولد عبد العزيز إلى تنظيم البوليساريو، إثر وفاة زعيم الانفصاليين، ونعت فيها الراحل بـ»رئيس الدولة».
فقد أكد الوزير الموريتاني في اعتذاراته الديبلوماسية لنظيره المغربي «أن موقف موريتانيا ثابت في ما يتعلق بملف الصحراء، وأنه «لم يتغير، ويتمثل في دعم كل الجهود الأممية المبذولة لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ومقبول من الطرفين».
وبخصوص العلاقة بالقمة العربية، التي طلبت موريتانيا استضافتها بعد اعتذار المغرب عن احتضانها بمبرر «عدم توفر الظروف الموضوعية للخروج بقرارات تستجيب لتطلعات الشعوب العربية»، قدم الوزير الموريتاني أمام نظيره المغربي عرضاً حول الاستعدادات الجارية لاحتضان بلاده أشغال القمة حيث عبّر عن أمله في «أن تشكل فرصة لتفعيل وتقديم إضافة للعمل العربي المشترك».
وشمل جدول أعمال لقاء صلاح الدين مزوار بإسلكو أحمد إزيد بيه، حسب موقع «هسبريس»، تأكيد المغرب وموريتانيا على «الرغبة الصادقة والإرادة السياسية المشتركة لتوطيد العلاقات الأخوية والتاريخية بين الشعبين بتوجيهات من قائدي البلدين.. اللذين يوليان أهمية كبرى لتعزيز وتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات»، إلى جانب التشديد على ضرورة تفعيل الاتحاد المغاربي.
وتحدث موقع «هسيبرس» عن حضور الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة بين الرباط ونواكشوط في لقاء الطرفين، بالدعوة إلى ضرورة العمل من أجل تسريع التحضيرات اللازمة لعقدها في أقرب الآجال بالمغرب، فيما سجل المسؤولان ارتياحاً يهم «الدينامية التي عرفتها العلاقات الثنائية، مع التأكيد على أهمية تدعيمها والحفاظ على الروح الإيجابية التي تميزها، عبر تجاوز كل المعيقات التي تحول دون تنمية الاستثمارات وتطوير التبادل التجاري بين البلدين».
غير أن خطوات التهدئة التي قام بها الوزيران الموريتاني والمغربي قد سبقت وتزامنت وألحقت بتراشق إعلامي بين البلدين عكسته مقالات عديدة ومداخلات تلفزيونية وتدوينات في مواقع التواصل.
وتحت عنوان «العرب في ضيافتنا وصحافة المغرب تنهشنا»، كتب عبد الله الراعي مدير الصحافة الألكترونية في وزراة الإعلام الموريتانية مؤكداً أنه «من غير المفهوم هجوم الصحافة المغربية على موريتانيا في وقت تستعد فيه لجمع العرب تحت خيامها العامرة بالحب والوفاء والإخلاص وخدمة المشترك بين شعوب عربية يطحنها الألم وتمزقها الحروب».
وأضاف في مقال شديد اللهجة «وللتاريخ فإن المغرب الشقيق استضاف سبعة مؤتمرات قمة كانت تحت أعين الموساد الإسرائيلي صوتاً وصورة.. والعهدة في هذا الكلام للمرحوم محمد حسنين هيكل «ذاكرة ملك.. وذاكرة صحافي «، «المفكرة رقم 2» كتاب كلام في السياسة».
«إن هذا الهجوم بدون شك، يضيف عبد الله الراعي، يخفي وراءه حجم الهلع السياسي والعقدة التاريخية التي لم يستطع أشقاؤنا في الشمال تجاوزها بعد»، مبرزا قوله إن «موريتانيا الشقيقة والقريبة من كل العرب لن يثنيها ما يرتكبه السفهاء من حماقات عن لعب دورها المحوري في محيطها العربي والإفريقي، وأن تبني علاقاتها الثنائية على أساس حسن الجوار وفرض احترام السيادة.. نحفظ للجار وده ونرده إلى حدوده إن هو تجاوز في حقنا».
وأكد عبد الله الراعي «أن الإعلام المغربي لم يوفق في حملته التي أطلقها بعناية فائقة على بلادنا وكان خارج السياق في توصيفه وتحليله لموقف موريتانيا من قضية الصحراء التي جعل منها شماعة علق عليها بؤسه وحقده على شعب ودولة ظلت على مدى عقود من الزمن شقيقاً وفياً لكل العرب وعلى المسافة نفسها من الجميع ، كان على القرار السياسي في المغرب أن يقف في وجه تلك الحملة بدل دفعها وتأجيجها فتلك خطوة لا تخدم المصالح المشتركة بل تعمل على تأزيم المواقف وتدق إسفين الهلاك في الصرح المغاربي المنظور».
وضمن هذا التراشق كتب أحمد ولد الدوه تحت عنوان «موريتانيا .. نجاحات تغيظ المخزن المغربي»، مؤكداً «أنه على المخزن المغربي المستاء من النجاحات التي تحققت في موريتانيا في ظرف وجيز أن ينشغل بتسيير الأمور اليومية للمغاربة ويقلع عن تصدير أزماته للآخرين؛ فكون المغرب غير قادر في الوقت الراهن على تنظيم القمة العربية ليست موريتانيا سبباً فيه؛ وعليه شكر القيادة الموريتانية على استعدادها لاستضافة الأشقاء العرب بدل محاولة التشويش عليها». هكذا بدت العلاقات بين موريتانيا والرباط: فهناك بدون شك توتر كبير تمر به علاقات البلدين، ولهذه التوتر أسبابه الكثيرة هنا وهناك.
والمؤسف أنه من الصعب الوصول بهذه العلاقات لمستواها العادي الخالي من التوتر، ما لم تحل قضية الصحراء وينتهي التجاذب بين المغرب والجزائر الذي يشكل عامل تأزيم مستمر في علاقات الرباط ونواكشوط والكابح الأساسي لقيام اتحاد المغرب العربي.

شاهد أيضاً

فعاليات وصول رئيس الجمهورية غزواني إلى كينيا

فعاليات وصول رئيس الجمهورية غزواني إلى كينيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *