محطات وأحداث مثيرة عن الرئيس الجزائري بوتفليقة

قاتل من أجل تحرير الجزائر من الحكم الاستعماري الفرنسي، وقاد مصالحة وطنية، لكن الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لم يتمكن من اجتياز حالة من السخط العام إزاء استمراره في الحكم.

مساء الثلاثاء، أعلن بوتفليقة إنهاء حكمه الذي ناهز 20 عاما، قبل أيام على انتهاء ولايته الرابعة في 28 نيسان/أبريل الجاري.

القرار جاء بعد تظاهرات حاشدة استمرت ستة أسابيع، شهدت تحول قائد الجيش وشخصيات نافذة أخرى ضد الرئيس الذي طالب ملايين الجزائريين برحيله.

عرف عن بوتفليقة كونه سياسيا مراوغا، لكن بلوغه الـ88 من العمر وتدهور صحته منذ السكتة الدماغية التي أصيب بها عام 2003، على ما يبدو جعلاه يسيء تقدير عمق الإحباط إزاء حكمة الراكد.

الرئيس بوتفليقة يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع

الرئيس بوتفليقة يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع

وبوتفليقة الذي كان في سن 26 عاما أصغر وزير خارجية في العالم، لم يعد يظهر إلا صامتا وجالسا على كرسي متحرك. وهو مشهد متناقض جدا مع بداية ولايته سنة 1999 حين كان قياديا كثيف الحركة في بلاده والعالم وخطيبا لا يمل.

وولد عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من آذار/مارس 1937 في وجدة (المغرب) في أسرة تتحدر من تلمسان بشمال غرب الجزائر.

انضم حين كان عمره 19 عاما إلى جيش التحرير الوطني الذي كان يكافح الاستعمار الفرنسي.

وعند استقلال الجزائر في 1962، وكان عمره حينها فقط 25 عاما، تولى بوتفليقة منصب وزير الرياضة والسياحة قبل أن يتولى وزارة الخارجية حتى 1979.

في 1965، أيد انقلاب هواري بومدين الذي كان وزيرا للدفاع ومقربا منه، حين أطاح بالرئيس أحمد بن بلة.

وكرس بوتفليقة نفسه عضدا أيمن لبومدين الذي توفي في 1978، لكن الجيش أبعده من سباق الخلافة ثم أبعده تدريجيا من الساحة السياسية.

تظاهرات مناهضة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

تظاهرات مناهضة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

​صانع المصالحة

بعد فترة منفى قضاها بين دبي وجنيف، فاز بوتفليقة، بدعم من الجيش، بالانتخابات الرئاسية في نيسان/أبريل 1999 التي خاضها وحيدا بعد انسحاب ستة منافسين نددوا بما قالوا إنه تزوير.

وكانت الجزائر حينها في أوج الحرب الأهلية التي اندلعت في 1992 ضد الإسلاميين. وخلفت تلك الحرب، حسب حصيلة رسمية نحو 200 ألف قتيل. وعمل الرئيس الجديد حينها على إعادة السلم في بلاده.

في أيلول/سبتمبر 1999، صوت الجزائريون بكثافة في استفتاء على قانون عفو عن المسلحين الإسلاميين الذين لم يقترفوا جرائم قتل أو اغتصاب وقبلوا بتسليم أسلحتهم. وأعقب ذلك استسلام آلاف الإسلاميين. وفي 2005، حصل استفتاء جديد يعفو عن ممارسات قوات الأمن أثناء “العشرية السوداء”.

وعمل بوتفليقة الذي اتهمه خصومه بأنه دمية بيد الجيش، على تفكيك نفوذ هذه المؤسسة القوية في الحكم، ووعد بأنه لن يكون “ثلاثة أرباع رئيس”.

وأعيد انتخاب بوتفليقة كل مرة من الدورة الأولى، في 2004 (85 بالمئة من الأصوات)، و2009 (90 بالمئة)، وذلك بعد تعديل الدستور الذي كان يحد الولايات الرئاسية باثنتين.

في 2011 وفي خضم أحداث الربيع العربي، اشترى بوتفليقة السلم الاجتماعي بالعائدات السخية للنفط الذي ارتفعت أسعاره إلى أعلى مستوى حينها، عن طريق التقديمات الاجتماعية.

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال زيارة إلى الأردن

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال زيارة إلى الأردن

صحة معتلة

وأثار إيداعه المستشفى لنحو ثلاثة أشهر في باريس في 2013 بعد الجلطة الدماغية، شكوكا في قدرته على الحكم.

لكن وبعكس التوقعات ورغم اعتراضات معلنة حتى داخل الجهاز الأمني، ترشح بوتفليقة ونجح في الفوز بولاية رابعة في 2014 (81.5 بالمئة من الأصوات) وهو على كرسي متحرك.

ورغم تدهور صحته، عزز الرجل سلطته، وحل في بداية 2016 إدارة الاستخبارات والأمن النافذة بعد أن أقال رئيسها الجنرال الشهير محمد مدين المكنى توفيق.

لكن ولايته الرابعة جرت وسط تراجع كبير لأسعار النفط، الأمر الذي أثر كثيرا على الاقتصاد الجزائري المرتهن لعائدات المحروقات.

صورة لبوتفليقة عند تعيينه وزيرا لخارجية الجزائر في عام 1963

صورة لبوتفليقة عند تعيينه وزيرا لخارجية الجزائر في عام 1963

ومنذ 22 شباط/فبراير، تصاعدت الاحتجاجات الرافضة لترشحه لولاية خامسة. وكانت تظاهرة الجمعة الأول من آذار/مارس الحاشدة غير مسبوقة من حيث حجمها وسقف مطالبها خلال العشرين سنة الماضية.

وطالب المتظاهرون برحيل بوتفليقة وعدم ترشحه مجددا و”إسقاط النظام”، ويبدو أن مطلبهم الأول على الأقل قد تحقق.

شاهد أيضاً

قرار قضائي بخصوص عزيز

أذن القضاء الموريتاني للرئيس السابق محمد ولد عيد العزيز بالخروج من السجن لإيداع ملف ترشحه …