الحكومة الإفتراضية والذكاء الغبي/ محمد الحافظ عبدالقادر

 

الحكومة الإفتراضية والذكاء الغبي.
إنما الحظ للغباء حليف
بينما الحظ للذكاء لدود
لا ذكاء يعيش دون حدود
والغباءات ما لهن حدود
كم غبي قد عاش حرا طليقا
وذكي قد أنهكته القيود

نعم كم من غبي في بلادي وعنده جهاز ذكي مربوط بالشبكة العنكبوتية من خلال شريحة غير مسجلة بشكل قانوني ولوحة مفاتيح يستخدمها كآلة طابعة يكتب من خلالها ما يريد وما لا يريد، في جو من المفسدة المطلقة لكي لا أقول الحرية المطلقة ينهش من خلالها لحم البشر في العلن لكي يبتسم في الخفاء ،ويقحم نفسه في البحث عن زلات وأخطاء إخوته بعد ما ستره وسترهم الله بستره الجميل.
من المعروف واقعيا ان العالم الإفتراضي متمثلا في وسائل التواصل الإجتماعي له جانب مشرق وهادف ألا وهو جمع الناس وإبقائهم على إتصال رغم أنف البعد الجغرافي وفوارق الزمن، لكن بالمقابل وعندنا في موريتانيا على وجه الخصوص صار العالم الإفتراضي يقرب البعيد ويبعد القريب ، مثلا تجد أفراد الأسرة الواحدة متقسمين على زوايا البيت وكلهم في خلوة -ربما غير شرعية- مع هاتفه يضحك ويناقش مع مجموعات تبعده آلاف الأميال، ولحمه وشحمه في بيت لم يلقي على أهله تحية الإسلام لأن عقله وباله ليس حاضرا ، إن كان له عقل أصلا.
وبما أن الفرق بين الذكاء والغباء يكمن في ردة الفعل ،فإن حكومتنا الموقرة وبحسن نية على ما أظن صارت تتفاعل مع كل من هب ودب وغرد ودون تفاعلا سلبيا تماما، وكأن الدول والحكومات يمكن أن تسير بالعاطفة وبالنظريات الإفتراضية.

هل يعقل أن تسرح مجموعة من أبناء الوطن العاملين في قطاع أمن الطرق إثر لقطة فيديو من هاتف ذكي يحمله غبي ،ألا تتذكر الدولة الموريتانية أنها هي من دربت وكونت ودرست هاؤلاء الشباب وصرفت عليهم من بيت مال الشعب وهم بدورهم يصرفون على بيوت شعبهم ، فالخطأ جائز ويغتفر مع أنني لا أرى أنهم أخطأوا في التعامل مع من خالف قانون حذر التجول، لأنه على أي انسان عاقل خرج أثناء حذر التجول أن يتحمل تبعات تصرفه بأنواع التهكم المعنوي والجسدي بحكم تهكمه سلوكيا على القانون.
لقد علمتنا الحياة في ظل الأزمات ان ما يسمى عندنا ب (couvre feu) له أسلوب خاص في التعامل مع المخالفين ،فكم من إمام مسجد وشيخ وقور بات يغني ويرقص طول الليل تسلية لقواتنا الباسلة ،وكم من مسؤول بات يرعى الصراصير بعصى سلت من مكنسة وحتى إنبلاج الفجر يعود ليحكي حكايته لأهله وكأنه أمر عادي ويحدث في كل العالم ، في يومنا هاذا وفي أكبر دول العالم كما وكيفا (الهند) ،فإن عدد المصابين بالكسور والكدمات أكثر بكثير من عدد المصابين بالفيروس ومع هاذا لم يسرح أي فرد من قطاعات الأمن .
ولذا فإنني أهيب بكم (حكومتنا الموقرة) تسخير الصلاحيات وترتيب الأولويات وإقتناء المعلومات من أهل التخصص والمصداقية من صحفيين ومدونين مؤتمنين ومعروفين بالشفافية وعدم الإنحياز، فمثلا إذا كان من بين المدونين من يصور ويبحث ويدون يوميا عن وزير الصحة “نذيرو” سلبا فيجب على الحكومة بالمقابل ان تبحث عن علاقة هذا المدون بالصيدليات وإحترام المسافة وشبكات بيع السموم من الأدوية المزورة ..والأمثلة كثيرة ،وبهاذه الطريقة تكون وسائل التواصل الإجتماعي عونا لكم لا عليكم يا حكومتنا الواقعية .

محمد الحافظ/عبدالقادر

شاهد أيضاً

الشيخ ابراهيم ولد سيدي عثمان التنواجيوي