الضابط أحمد للطلبه.. رجل الشجاعة والموقف في زمن الصمت

كان أحمد للطلبه ولد إبراهيم ولد السيد رجلًا نادرًا في زمن قلّ فيه الرجال، عُرف بالشجاعة، والمروءة، وحسن الأخلاق. وقد برز تفوقه منذ الصغر، حيث كان من التلاميذ الذين تم تكريمهم خلال العام الدراسي 1950-1951 في مدرسة المذرذرة – القسم المتوسط (Cours Moyen)، ونال جائزة التفوق وحسن السلوك

درس القانون والتحق بسلك الدرك الوطني، حيث تميز بكفاءته ومهنيته العالية. لكن مواقفه الراسخة كانت الأبرز في مسيرته، خاصة خلال أحداث 16 مارس 1981، حين فشلت المحاولة الانقلابية ضد نظام محمد خونه ولد هيداله، فتم تشكيل هيئة لمحاكمة المتهمين برئاسة المقدم الشيخ ولد بيده، وعضوية عدد من الضباط، بينهم النقيب محمد ولد ابيليل، والملازم أحمد ولد امبارك، إضافة إلى أحمد للطلبه الذي رفض أن يكون جزءًا من اللجنة، وأعلن موقفه بشجاعة نادرة.

واجه ولد هيداله بكل وضوح قائلاً:

أولًا: المحاكمة ليست سوى مسرحية، فالأحكام صدرت مسبقًا من الرئاسة قبل تشكيل اللجنة، وأنا غير مستعد للمشاركة في محاكمة صورية نتائجها محسومة سلفًا.

ثانيًا: المحاكمة تتعلق بأفراد من أهلي وأصدقائي، ولن أكون جزءًا من محاكمة غير عادلة، يعمل قضاؤها بأوامر السلطة التنفيذية. وإذا اقتضى الأمر، فاستقالتي جاهزة.

ورغم استمرار المحاكمة، ظل أحمد للطلبه الضابط الوحيد الذي لم يحضر أي جلسة منها، رافضًا الانخراط في ما رآه ظلمًا واضحًا.

كان موقفه استثنائيًا في زمن ساد فيه الصمت، فـ قال: لا، وهو يدري أنها عنتٌ :: ومحنةٌ قلَّ فينا من يُواثبُها.

رحل أحمد للطلبه سنة 1986، لكن تاريخه ظل شاهدًا على موقف نادر من ضابط رفض الانصياع للظلم، في زمن كان الرفض فيه مكلفًا، والرجال فيه قليلون.

منصة القافلة

شاهد أيضاً

اختلال في نظام إنارة جسر الصداقة دون تدخل يُذكر

يعاني جسر الصداقة (جسر مدريد) في نواكشوط من خلل غير مألوف في نظام الإنارة، حيث …