في يوم 12 مايو 1905 قتل البطل سيد ولد ملاي الزين و رفاقه الحاكم الإستعماري الفرنسي المشهور اكزافي كبولاني في مدينة تجكجة بولاية تكانت.
وتقول بعض المصادر التاريخية أن البطل محمد ولد الصفرة أحد المشاركين مع الشهيد سيدي ولد مولاي الزين في قتل كبولاني هو الوحيد الذي نجى من المهاجمين في الواقعة البطولية.
وحسب المصادر التاريخية أن مقتل كبولاني وقع بعد 29 يوما فقط من قتل الفرنسيين للشهيد بكار ولد أسويد أحمد، أحد أبطال المقاومة الموريتانية.
وتقول بعض الروايات الشفوية لبعض من عايشوا تلك الفترة أن البطل سيدي ولد مولاي الزين أعد خطة محكمة تميزت بالسرية والجرأة. فأنطلق سيدي بن ملاي الزين من “الزرقة”في قلب آدرار، بين “شنقيط”و”أوجفت”وتوجه إلي تجكجة بعد أن جند مجموعة من رفاقه، أستطاع تعبئتهم بمهارة، فرافقه عشرون رجلا مسلحا ،وكانت أسلحتهم من نوع قديم ورديئ (أكشام)، أما هو فكان لديه سيف أعطاه له أحد مشاييخ الصوفية في البلاد،. وتتكون الجماعة بالإضافة إلي قائدها سيدي من: إبنه عبد الرحمن الملقب اللل والعربي بن زيدان،محمد السالك بن السالك الملقب الجاش،والسالك بن الدده وول يما وسيد أحمد واحمد إبني عميره،وأسويدات بن أبياه ومحمد المختار بن سيدي بن ببيط الملقب أندمان وسيد احمد بن بن ويس،والكوري بن الشويخ،أحمود بن أعلي،وأحمد بن هنون،ومحمد بن الصفرة،وأحمد بن لميلح،وأحمد بن ميلود بن لفرك.
وبعد إجتيازهم “الخط” الذي يفصل بين آدرار وتكانت إلتحق بهم كل من:أحمد سالم بن آركان وموسي بن بوأبيط ومحمد بن عميرة وعبد الرحمن بن العبد ومحمد بن بوأبيط وهؤلاء الخمسة كانو مطاردين من قبل كوبولاني.
وفي موضع”كيلمس”قرب لحويطات إلتقو بسيدي بن أحمد بن بوبيط الذي أفرج عنه بعد أن كان سجينا في المعسكر، وطلبوا منه أن يرافقهم فأطلعهم علي أن حالته الصحية لا تسمح له بذالك ،وانه معروف من قبل الفرنسيين وساكني المعسكر. ولكنه وصف لهم الشكل الداخلي للمعسكر والتحركات العادية لأعضاء البعثة حسب أوقات النهار والليل.
بعد هذا اللقاء، توقف سيدي ولد مولاي الزين صحبة رفقته واخبرهم بالخطة التي سيتبعونها في القضاء علي كبولاني،وطلب منهم ان لا يصدر أي تصرف من أحدهم حتي يسمعوا منه التكبير بعد أن يدخل إلي المعسكر وقال لهم إن إجتماعهم هذا في هذا المكان سيجتمعونه أيضا في ظلال الجنة.فعاهدوه علي إتباعه حتي النهاية ولما وصلوا بالقرب من تجكجة إلتقوا بعامل سبق أن خدم في معسكر كوبولاني ،فأخبرهم بحال المعسكر وبموقع الجنود وحالة الحرس وأعطاهم صورة عن الحائط الذي بداخله الثكنة ، وأفادهم بأن الحائط مربع الشكل وله باب شمالي ،وآخر شرقي..
ويقول اعل الشيخ ولد الحضرامي”..إنقسمت الجماعة إلي فرقتين: فرقة معها الشريف سيدي،دخلت من الباب الشمالي وما إن ولج الشريف باب المعسكر حتي رفع صوته بالتكبير وأنقض علي أحد الضباط بالسيف فشج رأسه، فأطلق الضابط الرصاص من مسدسه على الشريف فسقط شهيدا، فلما رأى أحمد بن هنون ما جرى لسيدي وثب نحوه فأصابته رصاصة سقط جراءها شهيدا، ثم جاء الكوري بن شويخ فأصابته أخرى فاستشهد.
أما كابولاني فقد اقترب منه كل من سيدي أحمد بن عميره، واحمود بن اعلي الذي أطلق الرصاص على كوبولاني عن كثب فأصابه إصابة قاتلة فصعد سيدي أحمد بن عميره على الحائط وصاح بأعلى صوته: كوبلاني مات، عندئذ انسحبت الجماعة في اتجاه النخيل واتبعهم الجنود بوابل من الرصاص فأصابوا أحمد بن لميلح فسقط جريحا ثم لحقوا به فاجهز عليه النقيب فرير جان…”
ويضيف ولد الحضرامي”أسفر هذا الهجوم عن سقوط أربعة شهداء في ساحة المعركة هم: الشريف سيدي بن مولاي الزين، وأحمد بن هنون، والكوري بن شويخ، وأحمد بن لميلح.
وجرح سبعة من بينهم: السالك بن الدد، وأحمود بن أعليه، وأحمد بن عميره بن أباه الذي أمسكه الجنود بعد يومين، ولم يغنم المهاجدون سوى بنقدية واحدة ذات طلقات بعيدة وكانت من نصيب السالك بن الدد.
تقول بعض الروايات أن المجاهد سيدي ولد مولاي الزين تعرض لطلقة نارية من مسدس الضابط الفرنسي ملازم أول “تيوفانه ETIEVANT “… كانت إصابة مباشرة وعن قرب، لكنها لم تكن قاتلة… لم يقض في الحال حتى أدركه الجنود “السودانيون Les soudanais” قبل أن يسلم الروح، فتسابقوا إلى الإجهاز عليه بالحراب …ليستشهد على إثر هذا العمل الوحشي الجبان… سقط الشهيد القائد في ساحة المعركة، مقبلا غير مدبر… فاضت روحه الطاهرة بعد أن حقق أمنيته، وقطع “رأس الثعبان”… لم يسع هذا الشيخ المؤمن يوما وراء مكسب دنيوي أو مادي، ولم يقد رجاله إلى سمعة أو جاه، كان فقيها صوفيا ووليا زاهدا في الدنيا وملذاتها، وكان مجتهدا يحلل ويقدر… ثم يقرر، ولعل هذه الميزة هي التي شكلت عناصر عصاميته التي دفعته إلى المضي قدما في تنفيذ قرار القضاء على كوبولاني، رغم تمنع الظروف وخذلان الناس… كان قائدا مُلهما، و داعية يحمل قلما وسيفا… عاش سيدي الصغير ليجسد مثالا في الإيثار والزهد والتقى، ورحل ليترك للأجيال اللاحقة درسا عظيما في التضحية والحب والشجاعة…
رفض النقيب “افريرجان ” أن يدفن الشهداء، ولم يكتف بهذا فقط بل أقدم على عمل إجرامي وهمجي، يتعارض مع أبسط القيم والأخلاق، ذلك أنه جعل الشهداء جميعا في حفرة وأضرم عليهم النار، الأمر الذي أجج غضب المسلمين، وأثار حفيظة محمد المختار بن الحامد(واحد من كبار أبطال المقاومة كاتب الفرنسيين في البداية ثم أنقلب عليهم أثناء معركة النيملان المشهورة) الذي كان حاضرا تلك الليلة.
تم تشكيل محكمة عسكرية صورية بمبادرة من النقيب فريرجان لمحاكمة أحمد بن أباها الذي عثر عليه جريحا، وتشكلت هيئة المحكمة على النحو التالي: الرئيس النقيب أفرير جان،الأعضاء النقيب “جيرار”،”وأرنو” وهو إداري مساعد، والملازم “ديلافو”، والملازم “شري” مقرر وابن المقداد مترجم. اجتمعت المحمكة على الساعة الرابعة مساء في مقر إقامة كوبولاني، لم تستغرق المحاكمة سوى وقت قصير حكم على أحمد بن أباها بالقتل شنقا، وبعد صدور الحكم عليه، أخبره الترجمان ولد ابن المقداد بأنه سيقتل، فرد علي بكل هدوء: الله أكبر، ولم يزد وكان المتهم قد أصيب بجرح بالغ ومع ذلك لم يكترث وقت المحاكمة بالأسئلة التي كان يوجهها إليه رئيس المحكمة..”.
رحمهم الله تعالى واسكنهم فسح جناته