“أريد أن أموت كرجل لم يبع شعبه أبداً”، بهذه الكلمات أجاب محمد علي كلاي، على سؤال “كيف تريد أن يتذكرك العالم؟”، ليأتي اليوم وقد تذكره العالم على الوجه الذي أراد.
مات كلاي، وتحققت رغبته، كرجل يشهد له دفاعه عن قضايا حقوق الإنسان في العالم، و”قضايا السود” والمسلمين، ناهيك عن مواقفه الرافضة في المشاركة بحرب فيتنام.
فخلال مسيرته في عالم الاحتراف التي بدأت عام 1960، لم يتوقف كلاي عن التأكيد في كل مناسبة، وفوق خشب الحلبات، وفي مقابلاته الصحفية، على مواقفه الناقدة للسياسات المعادية للحريات الإنسانية.
كلاي المعروف في المضمار، بالملاكم الذي “يطير كفراشة ويلسع كنحلة”، رفض أن يقاتل “فيت كونج” (أي الجيش الشيوعي في فيتنام)، 1966، كما رفض الالتحاق في صفوف الخدمة العسكرية، في القوات الأمريكية، إبان حرب فيتنام عام 1967، الأمر الذي تسبب في القبض عليه وهو في أوج انتصاراته، وتجريده من لقب العالمي وسحب رخصة مزاولته لرياضة الملاكمة بشكل احترافي لمدة 4 سنوات.
وبرر كلاي رفضه للحرب على فيتنام آنذاك قائلاً: “هذه الحرب ضد تعاليم القرآن، وإننا كمسلمين ليس من المفترض أن نخوض حروبًا إلا إذا كانت في سبيل الله ورسوله”.
آخر مواقف كلاي، الذي أعياه مرض الشلل الرعاش (باركسون)، كان انتقاده للمرشح الجمهوري “دونالد ترامب” مؤخرا، وذلك عقب خطابات الأخير المعادية للمسلمين.
ورد كلاي عليه بالقول: “المسلمون الحقيقيون يعرفون أن العنف الوحشي الذي يمارسه من يطلق عليهم الجهاديون يتعارض مع مبادئ ديننا”، داعياً إلى “التصدي لأولئك الذين يستغلون الإسلام لمصالحهم الخاصة.”
“الأبطال لا يصنعون في صالات التدريب، الأبطال يصنعون من أشياء عميقة في داخلهم هي الإرادة والحلم والرؤية”، يبدو أنها كانت سر تربع محمد علي كلاي في قلوب عشاقه، ليس كبطل رياضي وصاحب أسرع لكمة في التاريخ فحسب، بل “كإنسان لا يُنسى”، بحسب معجبيه.
ما بين مدافع عن الحقوق المدنية، ورفضه للخدمة في الجيش الأمريكي، وتصديه لمنتقدي الإسلام والمسلمين، فارق “الأسطورة” الحياة يوم أمس الجمعة، عن 74 عاماً، إثر اضطرابات تنفسية، بعد أن ساءت حالته الصحية منذ 2014 بسبب إصابته بعدوى المسالك البولية، تاركاً إرثاً ضخماً، أبرزه احتلاله اللقب لقرابة عشرين عاما في بطولة الوزن الثقيل للملاكمة.
ولد كلاي في 17 تشرين ثاني/يناير 1942 في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي الأمريكية لأسرة متوسطة، اعتنق “كلاي” الإسلام عام 1964، وغير اسمه من “كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور” إلى محمد علي كلاي، وفاز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات على مدى 19 عاماً في 1964 و1974 و1978.
كما خاض 61 نزالا، فاز بـ 56 منها، وقبل أن يدخل كلاي عالم الاحتراف، نال الميدالية الذهبية لأولمبياد روما الصيفية عام 1960 في فئة وزن الخفيف الثقيل.