مسلسلات رمضانية تائهة || الكاتب:حمودي ولد حمادي

IrdMpXhNwoAQLZFRRa5zgA

تابعنا في شهر رمضان الماضي باقة من المسلسلات الموريتانية,التي أثارت ضجيج لدى المجتمع الموريتاني,حيث لا تمكن مشاهدة هذه المسلسلات لكثرة اختلاط أهلها ووقوعهم في قصص الحب و المغازلة.

 حيث لا يخلوا مشهد من المسلسل بدون كلمات شاردة.و كان من المفترض قبل أن نفكر في إخراج مسلسل و تصويره أن نبحث عن طرق نجعل الجميع يمكن أن يشترك في مشاهدتها,صبيانا و شيوخا,أو نضع عليها علامة 18+.

و تطل علينا التلفزة الموريتانية هذا رمضان بباقة من المسلسلات الشبابية تعالج وتغوص في اصطدام الحضارات و الانحلال الأخلاقي,و قصص جامعة نواكشوط المملة.

و الشجار على القطع الأرضية و سيطرة النفوذ و الوساطة و المال,و المتاجرة بالمخدرات و الوقوع في قصص الحب و المغازلة, و تبث هذه المسلسلات في شهر رمضان المبارك يوميا. صحيح نحن نعيش في بلد صغير له أخطاء كثيرة و عادات مخلة لكن تحتاج إلى التفكير العميق و المقارنة بين الأمس و اليوم,تحتاج إلى أشخاص لديهم تجربة من ميلاد المجتمع الموريتاني إلى يومنا هذا.

و لا يمكن معالجة العادات الطارئة بسرعة أو بهذه الطريقة,عندما نبث في أول حلقاتنا تعاطي المخدرات هذا يعني أن تعاطي المخدرات هي الموضة اليوم,و هي الطريق الأفضل للهروب من شبح البطالة و الحزن و التفكير,و هي الضياع بعينه و هي الموت بذاتها.

ماذا استفدنا نحن من صراع العقارات و بيع و شراء المخدرات و استئجار السيارات لنبثه سوى أن أننا خسرنا جيلا,و ماذا استفدنا من ارتباطات جامعة نواكشوط و قصصها المملة و مراجعة الشاب للفتاة لنبثه, وماذا استفدنا من نفوذ الوزير و رشوة الحاكم لنبثه.

و هل حقا نجحت قصة حب موريتانية تستحق أن تبث,الدراما الموريتانية التي بدأت ترى النور,كالبث التجريبي,تحتاج إلى الكثير من النضج و الفكر و الإبداع و التنسيق,دعنا من الخيال و من المجاملة,ما نشاهده لا يرقى ليبحث كمسلسل يومي,رداءة في الصوت و الصورة.

و طريقة تحريك الكاميرا و التنسيق بين النص و الحركة يجب أن لا يشعر المتابع بأن الصورة تغيرت بالفعل كما لا يجب أن يفقد سماع الصوت في بعض المشاهد,فكان من أوجب أن تكون كل المشاهد متناسقة و محبوكة و على المستوى. فالطريقة التي تبث بها التلفزة الموريتانية المسلسلات الرمضانية تحتاج إلى إعادة التركيب و التنسيق و الإخراج,و على أصحاب المسلسلات أن يتعلموا صناعة المسلسلات و الدراما قبل أن يجربوا.

تجربة الدراما في موريتانيا تجربة مستعجلة,فبلد لم يعترف بعد بالمسرح و بالفن السابع و لا يزال يحرم على المرأة التمثيل و الظهور أمام الكاميرا صعب جدا أن يتقبل بين عشية و ضحاها مسلسلات كهذه.

فالمجتمع الموريتاني مجتمع محافظ يحرم على المرأة ممارسة الكثير من المهن التي تمارس المرأة العربية و المرأة ككل. رسائل الكثيرة كان بإمكاننا تمريرها و توصيلها عن طريق هذه المسلسلات لو وضعناها في إطار ديني يصلح لزمان و المكان.

فمن يتابع هذه المسلسلات يخطر في باله أنه يجلس في مناسبة لكثرة الصخب التي تحتويه و أغاني و الرقص,وذلك ناتج عن عدم الإتقان في إدخال الموسيقى على المشهد المعين,و كثيرا ما تستخدم موسيقى حزن و رقص

ظاهرة ظهور المرأة الموريتانية أمام الكاميرا ظاهرة طارئة و مفاجئة فمنذ متى أصبح الموريتانيين يسمحون لبناتهم بالظهور على الشاشة فالحديث عن الواقع يلزمنا بالكثير فليس بإمكان كل من أشترى كاميرا أن يتحدث عن الواقع. فالواقع مرآة و ما نشاهد من الظواهر المشينة كتفسخ و الانحلال و ما نشاهده على قارعة شارع عزيز و غيره من أمور تعصف بالبلد و العباد تحتاج إلى عقول كبيرة تتقبل النقد و النقاش و ليست عقول عصيبة.

يحصد الجفاف أرواح الآلاف من الغنم و الإبل و البقر كل سنة,وذلك حين ما تجف الأرض و تنقطع السبل برعاة و لا تجد الغنم و لا الإبل و لا البقر ما تأكله أو تشربه,فتخسر موريتانيا اقتصادها الرعوي و تكون الهجرة من الريف إلى المدينة هي الأقرب إلى الأذهان, فينهار اقتصاد موريتانيا الرعوي,ولا تحتوي الأرياف على أبسط مقومات الحياة حيث تنعدم المياه والصحة والتعليم فيجبر الحر و الجفاف سكان الأرياف إلى الهجرة إلى المدينة,فصراع الإنسان مع الجفاف منذ الأزل رغم وجود الدولة و هذا ما جاء في احد هذه المسلسلات الذي يغوص في حياة البدو و مأساتها و الرغبة في الهجرة و التمسك بالماضي.

و تبقى برمجة الأدوار و اختيار الممثلين و التنسيق بين الحركة و النص غائبة عن أذهان الموريتانيين,حيث يجرب كل حظه في الإخراج,و تعتمد المسلسلات أساسا على تماشي الحركة و النص وحركة الكاميرا و هذا ما تعاني منه الدراما الموريتانية التجريبية.

قبل أن نحاول صناعة مسلسلات خاوية المعنى و ضعيفة المستوى علينا أن نكون نقبل النقد و النقاش,فلا يكمل عمل دون نقد و نقاش و تبادل الأفكار و لكل وجهة نظره الخاصة,لست مجبرا على أن أقول أن هذه التجربة ناجحة جدا و أن المسلسلات ترقى للمستوى,و نحن جميعا ندرك أن الدراما في موريتانيا حبر على ورق, و أحلام مسطرة بالخيال أما بخصوص كتاباتي, فأنا كتبت قبل أن تولد فكرة منت الناس التي ستجرنا إلى قلوب و جيوب,و قبل أن يلتقي المخرج و الممثلين و قبل أن يتعرفا #ومع #بذلك #شاهد و #دليل.

و تبقى الدراما الموريتانية عالقة بين مجتمع محافظ يرفض وجود الدراما و رغبة أصحابها في مواصلة صراع العاطفة و المال و النفوذ و الوساطة,خالية من الإرشاد و النصوحة والتوعية.

و بما أن هذه هي المحاولة الثانية لإنجاح دراما الموريتانية حاولت أن تعالج الكثير من الواقع اليومي رغم الصعاب فأنني شخصيا أثمن هذه الخطوة و أشجع أصحابها رغم عدم قبولهم لنقد.

الكاتب:حمودي ولد حمادي ” كاتب موريتاني

Istaylo.hamoudi@gmail.com

 

شاهد أيضاً

فعاليات وصول رئيس الجمهورية غزواني إلى كينيا

فعاليات وصول رئيس الجمهورية غزواني إلى كينيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *