حكومات شرق أفريقيا مسؤولة عن أزمة الغذاء بالمنطقة

يواجه نحو 22 مليون شخص في جميع أنحاء شرق أفريقيا أزمة الجوع، ومعظمهم من الأطفال. وكثيرا ما يعيش 15 مليون شخص في المناطق الأكثر تضررا دون وجبة يومية. بل في جنوب السودان، تم الإعلان بالفعل عن وقوع المجاعة. وستكون أجزاء من كينيا والصومال قريبا ضمن المناطق المتضررة من هذه الكارثة.

حاليا, يعاني حوالي 700,000 طفل في كل هذه المناطق من سوء التغذية الحاد. والجفاف الجاري هو الأسوأ منذ الجفاف التاريخي الذي وقع في عام 2011 والذي أودى بحياة 260,000 شخص. وإذ يحذر المانحون من أن نافذة الفرصة لتفادي أزمة المجاعة في طريقها للإغلاق، فإن هناك حالة قاتمة في انتظار.

تجاهل الحكومات

تركّز مختلف الوكالات الحكومية والجهات المانحة حاليا مجهوداتها على مصادر التمويل وتوزيع الأغذية على المناطق المتضررة بشدة، غير أن هذا ليس سوى حلّ على المدى القصير فقط. فقد حان أوان القيام – كقارة ذات حكومات – بالبحث عن حل دائم لهذه الأزمة المستمرة.

إن أزمة الجفاف والجوع تتحول اليوم بوتيرة سريعة إلى حدث سنوي، على الرغم من أن العلاج المقدّم لم يتغيّر مع أن النتائج تزداد سوءا. وتظهر بيانات صندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية أن الجفاف قد حدث في السنوات 2005 و 2006 و 2008 و 2011 و 2015 و 2016 والآن في عام 2017.

هذا, وقد تم الاعتراف بالحاجة إلى حل دائم لأزمة المجاعة منذ تلك المجاعة المروعة التي وقعت في السودان عام 1993. ومع ذلك، تظهر الحالات المتكررة أن الحكومات الأفريقية ما زالت تعتمد على المعونة الإنسانية لأزمةٍ غالبا ما تكون قابلة للتنبؤ بل يمكن توقعها أيضا.

وأثارت منطقة شرق أفريقيا – مؤخرا – مناقشات حول الحاجة إلی تعزیز استراتیجیات إدارة مخاطر الجفاف في جمیع أنحاء القارة الأفریقیة, مما أسفرت عن اقتراح لتشکیل “أفریقیا القادرة علی مجابھة الجفاف وتحضیرھا” (DRAPA). وسيركز هذا الإطار الاستراتيجي الجديد على تعزيز القدرة على الصمود أمام الجفاف في جميع أنحاء أفريقيا.. ولكن, هناك دلالات تفيد بأن المناقشات حول هذه الاستراتيجية تتحرك ببطء شديد وهي غير مركّزة على القضايا الأولية.

عامل المناخ والصراع

يتأثر عامل المناخ في الجفاف إلى حد كبير بالاحترار العالمي. وباقترن ذلك مع دورة النينا، أدى إلى ظروف أكثر جفافا والتي أثرت على دورات هطول الأمطار في منطقة شرق أفريقيا.

وكمنطقة وقارة، هناك حاجة إلى نهج شامل ومتكامل للتخفيف من آثار الجفاف, خصوصا وأن جميع المناطق التي أصيبت بشدة تقع في مناطق الصراع. ولا يمكن للمشردين أن يشاركوا في أنشطة إنتاج الأغذية. والأسوأ من ذلك أنه عندما يصل عددهم إلى الملايين، فإنهم سيشكلون ضغوطا لا مبرر لها في المناطق التي يلجأون إليها، مما يزيد من تفاقم الحالة التي كانت مزرية مسبقا.

وفي حين تتشارك بلدان شرق أفريقيا في مشاريع البنية التحتية فيما بينها، فإنها تفتقر إلى حسن النية السياسية لإنهاء الحروب العادية التي تعرقل أي جهود ترمي إلى انتهاج سياسة دائمة ومستدامة للأمن الغذائي. ولا يمكن استصلاح أراضي المناطق القاحلة وإنتاج الأغذية الكامل في المناطق غير القاحلة بسبب الحروب المستمرة.

وإذا لم يتم حل هذه الصراعات بطرق لا تخل بالمستوطنات البشرية وإنتاج الأغذية، فإن الملايين سيتضررون بالجفاف، وستضيع آلاف الأرواح.

فشل الحكومات والخيارات المتاحة

وهناك أيضا لائحة اللوم موجّهة على الحكومات, لفشلهم في المشاركة الفعلية في الجهود الرامية إلى زيادة الإنتاج الغذائي لتخفيف حدة السكان في المناطق التي يصيبها الجفاف. وتشكل الاستثمارات في البنية التحتية التي تبلغ قيمتها عدة ملايين من الدولارات تناقضا صارخا مع مخصصات الميزانية لمشاريع التخفيف من آثار الجفاف والمشاريع الزراعية.

وعلى مدى عدة سنوات – رغم الإنذار المبكر, فإن الحكومات في بلدان هذه المناطق دائما ما تسعى إلى اللجوء لطلب التمويل من المانحين، والأسوأ من ذلك اعتمادها على وكالات الإغاثة لتوزيع المساعدات.

وهناك عدة خيارات متاحة لزيادة إنتاج الأغذية؛ إذ قامت مؤسسات بحثية مختلفة بوضع محاصيل غذائية عالية الغلة ومحاصيل تتحمل الجفاف. ولكن ما يفتقر إليه هو التنفيذ الشامل بسبب الافتقار إلى الدعم الحكومي الكافي. وقد حققت بلدان أخرى مشاريع واسعة النطاق لاستصلاح الأراضي لزيادة المساحات المتاحة لإنتاج الأغذية، إلا أن شرق أفريقيا لم تبذل جهودا متسقة وممولة تمويلا جيدا لتنفيذ ذلك.

إن محاولات جمع الأموال الكافية لمكافحة المجاعة الشديدة على المدى القصير تشير إلى الحالة غير المستقرة في السنوات المقبلة. كما أن صعوبة الحصول على صناديق الإغاثة في حالات الطوارئ ستضيع المزيد من الأرواح.. هذه هي الأرواح التي بإمكان الحكومات والنخبة السياسية في مختلف المجتمعات المتضررة إنقاذها, عن طريق القيام بدور استباقي في توفير مناخ مستقر حيث يمكن تنفيذ الحلول طويلة الأجل.

كما أن استمرار مواجهة الملايين للمجاعة بشكل منتظم في القرن الحادي والعشرين أمر مؤسف, وذلك بالنظر إلى أن الغذاء من أبسط الاحتياجات والحق الأساسي للمواطنين المتضررين.. وإلى حين تتمكّن الحكومات الأفريقية من التخفيف من حدة الجفاف وضمان مؤن الفئات الأشد تهميشا وتضررا، فسيكون كل ما تحرزه الحكومات من تقدم في ميادين أخرى بلا جدوى.

المصدر: أفريكا عربي

 

شاهد أيضاً

بشرى سارة لساكنة كيفه

بشرى سارة لساكنة كيفه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *