ظاهرة السحوة تكاد تكون من الظواهر التي تميز المجتمع الموريتاني

arton187

 

ظاهرة السحوة تكاد تكون من الظواهر التي تميز المجتمع الموريتاني
من بين شعوب العالم . وتأخذ هذه الظاهرة أبعادا تاريخية تجعلها
من أقوى الظواهر التي لا يمكن التخلص منها بشكل جذري .
وهي مسيطرة على مجتمعنا منذ القدم وما زالت الى يومنا هذا .
وإذا تساءلنا من أين أتت وكيف نشأت فإننا لن نقف على جواب شاف .
فإذا رجعنا لعادات وتقاليد المجتمع العربي الإسلامي فلن نجد لها
جذور تذكر فلم يعرف المجتمع العربي هذه الظاهرة بل عرف ” الحياء”
و الحياء يختلف عن السحوة اختلافا تاما .. وأما من الناحية الدينية فلا
أصل لها فيه يقول الدكتور محمد الأمين ولد محمد موسى الباحث
الإجتماعي ” السحوة خارج الأخلاق الإسلامية فلا علاقة لها
بالدين فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يدخل على ابنته وزوجها
وكان يتناول الطعام مع علي كرم الله وجهه وكان علي يحمل أبناءه
أمام الرسول عليه الصلاة والسلام “.
وتظهر السحوة في جميع أشكال الحياة الإجتماعية .فنجدها في علاقة
الأبناء بآبائهم . وتدخل في علاقة البنت وأمها وفي علاقة الزوجة
بزوجها . وعلاقة الرجل بأصهاره والمراة بأصهارها .
وعلاقة الأم بأبنائها الصغار . والسحوة تتدخل في مظاهر الفرحة
والحزن على حد سواء فلا تستطيع المرأة مثلا أن تفرح أمام
المجتمع بزوجها وكذلك لا تستطيع أن تحزن لفراقه بأي شكل من الأشكال
وتتناقض هذه السلبيات كلما اتجهنا للحياة الحضرية وتتضاعف اذا
اتجهنا الى المجتمع البدوي أو القروي فنجد الزوجة بالذات لا
تستطيع اظهار عواطفها ولا حتى نقاش امورها الأسرية مع زوجها .
فلا عجب إذا كانت تزف ليلة العرس وهي تذرف الدموع .
ومن العيب أن تشاهد وهي تبتسم . وهذا ينعكس على الحياة
الزوجية وعلى درجة الصراحة بين الزوجين .
كلما غابت خصوصية الأسرة كانت السحوة أكثر تأثيرا .
ففي البادية لا تستطيع المرأة احتضان أبنائها نظرا لظروف
السكن المتمثل في الخيمة ومن المعروف انه لا خصوصية فيها .
وكذلك اذا كانت الأسرة تسكن مع اهل الزوجة أو اهل الزوج
فلا تستطيع الأم رعاية أبنائها بشكل يتلائم مع متطلباتهم النفسية
والبيولوجية . فهناك بعض الأسر الموجودة في الأرياف لا يدخل
الأب على أولاده نهارا.. وإذا قدم الليل يتسلل بسحوة شديدة
الى أسرته والسبب هو وجوده في بناية متقاربة مع والده وأعمامه .
ولا يستيع الأبناء مناداته أمام من هم أكبر منه سنا
ولا حتى الإقتراب منه .
و ينعكس الجفاء واللامبالات وعدم الرعاية على نفسية الأطفال
وعلى العلاقة الحميمة التي تربط بين الأبناء والآباء
 
 
 
 

شاهد أيضاً

كيف سيدرس علماء الآثار تاريخنا في المستقبل؟

حضارتنا مسجلة على أقراص مدمجة ومحركات الأقراص الصلبة. لكن هذه الأشياء تبلى بسرعة مدهشة. فهل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *